الخميس، 11 يناير 2018

عن الرواية الحاصلة على البوكر (موت صغير)

هاجر به أباه وهو طفل، لهى، شرب خمرًا، جالس خلفاء، التقى ابن رشد، أحب نساء، تزوج، أنجب، سجن، اختلس عدة قبلات وراء الباب مع بنت شيخه ، اعتزل في خلوات، ألف كتبًا، ألقى دروسًا، حاز مريدين وأعداء، دفن شيوخًا، ورفاق رحلة حياة كاملة.
تحكي الرواية سيرة إنسان يُدعى (محيي الدين بن عربي)، الذي حياته في البحث عن 4 أوتاد/ أولياء يثبتون قلبه، مستعينًا على ذلك بالسفر والصحبة المخلصة، ما بين الأندلس، المغرب، مصر، الشام، العراق، إلخ.
بالتوازي مع ذلك، تصف صفحات الرواية تلك الرحلة الأخرى التي قطعتها مذكرات الرجل الأصلية بعد وفاته.
جدير بالذكر، أن كل فصل يبدأ بواحدة من مقولات منسوبة لـ (ابن عربي)، يتلذذ عدد منها بصنع مفارقات لفظية مبنية على التضداد، على غرار:
-طريق الحق.. مستقيم الاستدارة.
- الزمان مكان سائل.. والمكان زمان متجمد.
- الإنسان عالم صغير.. والعالم إنسان كبير.
علاوة على حفنة من الاقتباسات التي تحفل بأشياء لا يعول عليها، كـ..:
(أي سفر بدون كذا.. لا يعول عليه)، أي ( كل حب يخلو من كذا.. لا يعول عليه)، و(الحيرة بغير كذا.. لا يعول عليها)، و..، و..
وصلت إلى فصل يستهل بعبارة (من صحبك لذاتك.. فعول عليه).
أعتقد أن العبارة كانت بهذه الصياغة، أو للدقة.. لا أذكر جيدًا إذ طار صوابي، فهللت، كبرت، كدت أسجد لله شكرًا.. يااااه، أخيرًا تضمنت حياة (ابن عربي)، شيئًا نجح في أن "يعول عليه"، وهو مطمئن.
في المعتاد، أحذر من الروايات التي رشحت أو فازت بجوائز، خوفًا من أن تكون مغرقة في السريالية أو اللغة المعقدة. غير أنني وجدت رواية (موت صغير)، عبارة عن نحو600 صفحة من السرد السلس، الذي لا يتعالى على أن يتخلله حوارات طويلة.
لم تكن نقطة الجوائز هي المبعث الوحيد للقلق، إذ احتوت الرواية على عدة عناصر تتعارض مع ذائقتي الشخصية، مثل:
-غزارة الصفحات.
-التمحور حول بروفايل حياة شخص من الميلاد إلى الوفاة.
-الأجواء التاريخية.
-الفكر الصوفي، الذي لا أهضمه البتة.
في المقابل، حوت الرواية عاملًا واحدًا غطى على كل النقاط السابقة، وجعلتني أنساب مع صفحاتها حتى النهاية:
-الونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"