الاثنين، 4 يونيو 2018

لماذا مسلسل (قسطنطين)، أقرب إلى قلبي من الفيلم؟

"في الغرب، يدعمون الفاشل حتى ينجح. أما في مصر، نحارب الناجح حتى يفشل".

تنسب العبارة إلى (أحمد زويل)، ورغم أنني أتفق معها إلى حد كبير، إلا أنني لا أرى داعيًا للإفراط في جلد الذات.

شاهدت –مؤخرًا- المسلسلات المستوحاة من شخصيات الكوميكيس- إنتاج الشركة الأمريكية (DC)، رأيت خلالها الكثير من المط والتطويل في مواسم لم تعد تقدم جديدًا، بينما تم خنق مسلسل مختلف كـ (قسنطين)، وإيقافه بعد الموسم الأول سنة 2014م، ذاك الموسم الواعد الذي انتهى بمفاجأة صادمة عن هوية الكيان الذي يدير (البروخيا)، مما يثير الحماسة لأجزاء قادمة.. للأسف لم يتم انتاجها أبدًا.
صدقني، لسنا وحدنا.
أعترف أنني لم أعرف شيئًا عن (جون قسطنطين) إلا منذ شهور قليلة، ظننت قبلها أن كل الأبطال الخارقين القادمين من عالم الكوميكس، قريبين من مجال (الخيال العلمي) مثل (سوبرمان، فلاش، إلخ)، أو يحاربون الجريمة في نطاق اللون البوليسي كـ (باتمان).

تغيرت نظرتي تمامًا عندما تعثرت على قناة يوتيوبية تسرد قصة سلسلة القصص المصورة (إنجستس)، بصحبة مسح ملون لصفحات الأعداد.
أعتبر هذه السلسلة نموذجًا آخر لأن الغرب يحارب الناجح حتى يفشل، حيث اختارت (DC) كوميكس متواضع لتقدمه إلى شاشة السينما داخل فيلم (باتمان ضد سوبرمان)، بينما تركت (إنجستس) بما تحويه من سيناريو أكثر ملحمية لحرب أهلية شاملة بين أبطال (DC)، يتحول فيها (سوبرمان) إلى خانة (الخصم)، بصحبة (وندور وومان) و(شازام) وغيرهم. في مقابل جبهة (باتمان، أرو، ورفاقهم).

في مرحلة لاحقة، تحولت الحرب الأهلية من (قتال بين أصحاب قوى خارقة)، إلى (أجواء يسودها السحر والموارئيات)، تحولت الدفة بهذا الشكل، عند ظهور بريطاني أشقر، يرتدي معطف فاتح اللون، يسمى (جون قسطنطين).

رأيته أولًا على قناة اليوتيوب، كصورة مرسومة ضمن كوميكس.

المرة الثانية: كتجسيد من لحم ودم، قدمه الممثل (مات ريان) الذي ظهر ضيف شرف في مسلسل (أساطير الغد).

علق د. (محمد الدواخلي) أن هذا الظهور عوضه عن توقف المسلسل المستقل لـ (قسطنطين) بعد الموسم الأول.

نظرًا لثقتي في رأي (الدواخلي)، تحمست للبحث عن ذاك الموسم، والبدء به مباشرة، عقب الانتهاء من (أساطير الغد).

لم تنته رحلتي في السحل وراء (قسطنطين)، حيث لفت بعض الأصدقاء نظري أن هناك فيلمًا، تم إنتاجه عام 2015م عن نفس الشخصية، جسد فيه الدور (كيانو ريفز) بجلالة قدره، الغريب أن الرفاق أصروا على أن الفيلم سيعجبني أكثر المسلسل.



لكن.. استبعدت هذا الاحتمال، لأسباب كثيرة، أقله من منطلق أن (الانطباع الأول.. يدوم) باعتبار أنني شاهدث المسلسل أولًا، وقضيت 13 حلقة أقترنت فيها شخصية (جون قسطنطين) عندي، بوجه (مات ريان).

السبب الثاني أن المقارنة لن تكون عادلة، أو في صالح الفيلم، من الناحية الزمنية على الأقل.

كيف نقارن عملًا سينمائيًا مدته ساعتين، بينما على الكفة الأخرى دراما لنفس الشخصية والأجواء، تزيد عن 10 ساعات.

عندما شاهدت الفيلم، وجدت أنني لا زلت على رأيي.
دعونا نتفق أولًا أننا تشبعنا بالكثير من الدراما التي تدور في عالم الماورائيات، أشعر أن (سوبرناتيورال) قال أغلب ما يمكن قوله في هذا الصدد، كما أن (مارفل) أيضًا تمتلك شخصية دكتور (سترينج) الذي يتشابه مع (قسطنطين) في أن كلاهما متخصص في التعاويذ والروحانيات، كما لا يمكن اتهام أحدهما بالتواضع أو امتلاك لسان المهذب.

ما المتبق إذن كي نبحث عنه في الأعمال الدرامية أو السينمائية التي سينمائيًا تنتمي لنفس النوعية؟

نبحث عن تناول أعمق، أو تفاصيل ذات مذاق مختلف، أو مفاجآت غير متوقعة في الحبكة، أو شخصيات مرسومة جيدًا، يسهل أن نتعلق بهم.

يمكن القول أن مسلسل (قسطنطين) قام بتحقيق أفضل المتاح في هذا الصدد.

أولًا: أعترف أن أداء (كيانو ريفز) كان أكثر إقناعًا، في المقابل.. رأيي في بطل المسلسل (مات ريان) يشبه نفس موقفي من (فتحي عبد الوهاب) -لو جاز لي التشبيه-؛
كلاهما ممثلان أحبهما غالبًا، رغم جنوحهما للمبالغة المسرحية أحيانًا.

غير أن (ريان) بريطاني، مما يجعله أكثر تشابهًا مع (قسطنطين) الذي نعرفه من خلال الكوميكس، لا تستهينوا في هذه المزية التي ساعدت في ملامح كثيرة مثل  اللكنة، الشعر الأشقر (انزعجت عند رؤية الشعر الأسود لـ (ريفز) الذي تصدر ملصق الفيلم، ألم يجيء في بالهم أن يشتروا بعشرة جنيهات صبغة مياه أكسجين؟).
تركزت عقدة الفيلم على خوض (قسطنطين- ريفز) عدًا تنازليًا مع الموت، على الجانب الآخر.. المؤرق الأول لـ (قسنطنين- ريان- المسلسل)  هو عده المتصاعد مع عقدة الذنب، التي نتجت عن فشله في إنقاذ الطفلة (استرا)، ليس لأنها ماتت، بل لأن الشيطان ظفر بروحها، أخذها معه إلى الجحيم.
هناك تفاصيل صغيرة أخرى رجحت كف المسلسل؛ رأينا إحكام (ريفز) لربطة عنقه طوال أحداث الفيلم، بينما اعتاد (ريان) اعتاد أن يتركها نصف مرتخية، بشكل يتناسب مع طريقة (قسطنطين) اللامبالية اللاذعة، التي يخبئ ورائها روحه المثقلة بالآثام.
بخصوص الشخصيات الثانوية:
عملنا المسلسل أن لكل شيء ثمنًا.
دفع (قسطنطين) ثمن هزيمته في (نيوكاسل)، بأن كل مغامراته التالية ما هي إلا محاولة للتكفير عن هذا الفشل، بشكل جعله يبدو بالنسبة إليّ كـ (آدم) الذي هبط إلى الأرض بعد الخطيئة الأولى، إلى جواره المستبصرة الجميلة (زِد) التي دفعت ثمن موهبتها في هيئة نوبات (ألم) استمرت/ ستستمر، كي تكون (حواء/ البوصلة/ الشريكة) بالنسبة له.
عندما شاهدت الفيلم رأيتهم يقدمون صديق البطل (شاس) في صورة صبي ضئيل الحجم، مثقف، ينحصر دوره أغلب الوقت في قيادة سيارة (قسطنطين).
أين هذا من (شاس- المسلسل)، العملاق المتفاني الذي يفوق رفيقه الخبير بريطاني طولًا وقوة، كما يتميز بامتلاك (47) روحًا، فقرر (شاس) بدوره أن ينضم إلى طابور دفع الثمن، عندما خسر علاقته بزوجته (رينيه)، بسبب انشغاله في إنفاق كل تلك الأرواح في سبيل إنقاذ الآخرين، من خلال تواجده إلى جوار (قسطنطين)، ضد الأخطار الماورائية.
لا أعد المسلسل والفيلم ضمن أفضل ما شاهدت في أعمال الرعب، لكن لو سألتني:
- أيهما سيعلق في رأسك لمدة أطول؟


أعتقد بين الحين والآخر، سأتذكر المسلسل، رغم أنني شاب صعيدي، أي أن الزي الرسمي لنا ينحصر بين (الجلباب)، أو القمصان/ البنطلونات الكاجوال.  إلا أنني قد أسعى -يومًا- لشراء معطف فاتح اللون، أسفله ربطة عنق نصف محكمة.
كما سأتمنى لو أحاط بي دائرة أصدقاء يمتلكون شيئًا من إخلاص (شاس)، أو شريكة ذات عينان تلمعان بتلك البسمة الشقية التي عند (زِد).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"