الخميس، 26 أبريل 2018

داخل فيلم (مكعب)


كثيرًا ما نرى أموالًا طائلة، تضخها شركات الإنتاج الكبرى، لتثمر في النهاية عن أفلام تم تصويرها في عدة دول، ومع ذلك.. تخرج فقيرة على مستوى الإثارة والحبكة إلى حد كبير.
في المقابل، لطالما احترمت جدًا تلك الأعمال ذات الميزانية المحدودة، التي –على العكس تمامًا- تنجح في التحلي بالتشويق، مع أنها تدور بالكامل داخل حيز مكاني محدود.
ترتكز الحبكة على مجموعة أفراد يستيقظون داخل بناء، يتكون من مكعبات تحتوى على فخاخ قاتلة، فيحاولوا التكاتف من أجل الخروج أحياء، ثم يتضح أن اختيارهم لم يتم عبثًا، فكل واحد منهم يمتلك مهارة ما، يقع عليها دور مفتاحي في النجاة.
يتقمص سيناريست الفيلم ما يشبه لاعبي الكرة في الأزقة، فيقوم بالمراوغة وقول كل ما يمكن قوله، في أضيق مساحة متوفرة.
في البداية، تعمد أن "يذبح القطة" للمشاهد، منذ الدقائق الأولى، ليمنحه افتتاحية تحتوى على لقطة قتل مختلفة وشنيعة في الوقت ذاته.
أعترف بأن قرار الفيلم موفق جدًا في هذا الصدد، لأنه جعلني أعرف مبكرًا أن الفخاخ المتنوعة داخل المكعبات لا تمزح، فعلى الأبطال أن يحذروا بشدة، وإلا سأشاهدهم يمحون من الحياة في لحظة، بأبشع الطرق.
أبرز مشهد من وجهة نظري، عندما تناقش الأبطال في محاولة إيجاد إجابة لأسئلة:
- لماذا هم بالتحديد؟ من الذي جاء بهم إلى هنا؟ ما الحكمة وراء الاتيان ببشر، ووضعهم في حيز سويًا، ليعذبوا ويموتوا؟
كما تلاحظون، يقدم السيناريو (مكعباته) كصورة مصغرة من (الحياة)، ففضل ألا ينحاز–في البداية على الأقل- إلى تفسير بعينه:
صرحت الطبيبة باعتقادها في نظرية المؤامرة، أي أن هناك حكومة أو عين، هي من وضعتهم في التجربة، وتراقبهم الآن.
بينما مال آخر لفكرة المصادفة العدمية، وأن مجيئنا ليس جزءًا من أي خطة أو هدف من أي نوع، كما أنه ليست ثمة مراقب ولا مخرج من هذا كله.
راقني عدم اكتفاء صناع الفيلم بتقديم عمل مسلي، فحاولوا إضفاء ما يُرضي النقاد ولجان تحكيم الجوائز، بمثل هذه اللمسات العميقة.
بالذات، في شخصية الشرطي التي خيل إليّ أنها ترمز السلطة، بدلًا من أن تتفاني في التضحية من أجل المدنيين، فإذا بها تفعل النقيض تمامًا.
تضاعفت متعتي عندما أخرج السيناريو لسانه لنظرية الانتخاب الطبيعي، حيث لم تكن النجاة في النهاية من نصيب الأقوى، ولا حتى الأصلح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"