الجمعة، 5 يناير 2018

مراجعة للرواية العبقرية: (الموت.. عمل شاق)

رشحها لي د. إبراهيم السعيد منذ عام تقريبًا.
فأدين لها وله أنها صححت من مفاهيمي عن كنه الرواية الجيدة، على سبيل المثال:
-أولًا: قيل أن (الحوار) ضروري جدًا لإضافة الحيوية على النص.
بينما لم يلجأ المؤلف إليه إلا نادرًا، ومع ذلك.. نجح السرد في اكتساب روح وحياة كأقصى ما يكون.
-ثانيًا: لو أنك كمؤلف.. تستمتع بإثارة نكد القارئ، فهناك طرق مضمونة، على غرار إضفاء أجواء من العنف/ الجنس/ القسوة.
لكن.. (خالد خليفة) فتح عيناي على تكنيكات مختلف تمامًا، تعتمد على أبطال ماتوا معنويًا، أول مرة أعي أن (خيبات الأمل)، عندما يتجرعها الأبطال ببط على مدار أعوام، قادرة على التأثير نفسية المتلقي ربما أكثر من طريقة مشاهد العنف السريع.
-ثالثًا: كنت أنحاز إلى الأفكار المركبة/ الغير تقليدية.
غير أن تجربة (الموت عمل شاق).. لفتت نظري إلى مدى السحر الذي قد تسببه أفكار بسيطة جدًا، تجذبك منذ أول صفحتين.
أب أوصي بعد موته، أن يدفن في بلدته الأصلية، فيخوض أبناءه رحلة من أجل تنفيذ الوصية.
رحلة رجلان وامرأة بصحبة تابوت، في زمن الحرب، مما ينتج عنه عشرات المفارقات، نتيجة المرور على حواجز تفتيش يديرها النظام تقرر اعتقال الجثة، وثانية تتبع الكتائب الإسلامية يقرروا عرض الثلاثة على قاضي شرعي، كي يتأكد من صحة معلوماتهم عن الصلاة، والدين، إلخ، بالإضافة إلى حواجز الجيش الحر.
تفاصيل الرحلة نفسها وتفاعل الأبطال الثلاثة مع بعضهم في الحاضر، لم يستغرق العديد من الصفحات، قدر ما استغرقه استعراض فلاش باك، بتضمن خيبات الأمل التي شملت الجميع.
الأخت المستسلمة (فاطمة)/ الشقيق الأكبر الجرئ أكثر من اللازم، فهجر حياة أهله وعمل كسائق لراقصات روسيات/ الأصغر متفتح العقل، لكنه أجبن من التجرؤ على تغيير مسار حياته الروتينية.
الأب الذي هجر بلدته الأصلية/ العم الذي قاد انقلابًا عسكريًا فاشلًا/ العمة (ليلى) تعد الشخصية الوحيدة التي جرؤت على تحدى الكل، واختارت لنفسها نهاية مأساوية.
ربما هناك شخصية إيجابية أخرى، هي حبيبة (بلبل) القديمة، التي نذرت منزلها لخدمة اللاجئين.
تصلح أحداث كفيلم سينمائي عالمي، يكفي أن تزيل الإشارة على أسماء المدن والفصائل السورية تحديدًا، وستجد العمل قابلًا للإسقاط على حال أكثر من ثلاث أو أربع دول عربية.
هناك عنصران إضافيان أحترمت الكاتب لأجلهما بشدة:
-أنه جذب انتباه القارئ منذ الصفحة الأولى.
-أثبت أن الروايات التي تستحق جوائز، لا يجب –بالضرورة- أن تسرد بلغة كلاسيكية جذلة. إذ تحلت سطور الرواية بأسلوب رشيق، سهل الهضم على وعي أي قارئ، سواء كان أكاديمًا حاصلًا على دكتوراة في الأدب، أو ربة منزل متوسطة التعليم.
رغم أننا لا نزال يوم 5 يناير، أي في بداية العام، لكنني أخمن أنها لن تخرج عن قائمة أفضل خمسة أعمال قرأتها هذه السنة.
شكرًا.. (خالد خليفة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"