الخميس، 5 مايو 2016

لماذا قد تخسر ثورة يقودها سيدنا "الحسين"؟

فى لحظة هممت فيها باتخاذ حركة/ قرار ما، رأيت طفلًا مشوهًا، بالشفة الأرنبية ربما، لا أتذكر بالضبط، ما أتذكره أن اللقطة جعلتنى أقشعر، فأكملت سيرى وقد قررت من رد الفعل العنيف الذى كنت أنتويها فى مسألة شخصية خاصة بى.
طفل عابر أثر فى شاب لا يعرفه، وتسبب فى تغيير أظنه للأفضل.
أنا بدورى سقطت الرصيف فى طفولتى، أثناء دخول القطار إلى المحطة، كنت أقف لدى باب العربة أتعجل وقوفه، ملت بثلثى العلوى للخارج أرقب الرصيف المقترب، فجأة شعرت كأن الهواء يشفطنى للخارج.
أستطيع القول أن جلد وجهى كشط بالكامل أعلى الناحية اليسرى، أنا نفسى شككت بأن هذا سيخلف حتمًا تشوه يستمر لبقية حياتى.
هنا أقول: لعل تشوهى -حينذِ- بدوره، كان لقطة تسببت فى تغيير إصلاحى لدى آخر؟
هها إجابتى الشخصية على سؤال:
- ما سبب هذا الدمار والألم والأشلاء؟
والتى جهر بها البعض فى الفترة الأخيرة.
لسنا نملك إلا جزء يسير من الصورة، بحكم أننا لسنا آلهة، بالتالى لا نستطيع أن ندرك الحكمة الكلبة من وراء ما قد يبدو من زاويتنا شرًا مطلقًَا، فإما نثق بوجود إله يملكها، أو لا نثق.
وحتى الذين ينكرون أو لا يثقون، أعتبر وجودهم آية أو سبب لثبات الإيمان عند آخرين.
ينطبق هذا على ضحايا الحروب/ المجاعات/ الكوارث الإنسانية من الأطفال الأبرياء .
لا ندرى، لربما المسار الآخر أنه كان سيكبر ليتسبب فى فساد، أو دماء أكثر.
وعلى الجانب الآخر، من حقنا وواجبنا معًا أن نحزن على هذا الفظاعة، بل نذهب حتى آخر حدود استطاعتنا فى التقليل من الأضرار، أو المطالبة بالاقتصاص من القتلة.
فى القرآن لطالما اتربطت لفظة (الذين آمنوا) بـ (وعملوا)، التغاضى عن النصف الثانى، سينحدر بنا إلى التطابق مع وجهة نظر الماركسيين عن الدين كمخدر للشعوب لا أكثر.
الأمر يتعلق فى البداية والنهاية، بتلك الجملة السحرية:
- " اللهم امنحني القوة لتغيير الاشياء التي استطيع تغييرها وامنحني السكينة لتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها وأمنحني الحكمة لأستطيع التفريق بينهما".

- هل الهزيمة عقاب من الله؟ 
لا يوجد أنقى ممن وعدهم الله عز وجل بأن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرًا؛ آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك، هزموا.
فى البداية، منع عنهم نهر كربلاء حتى كاد أطفالهم أن يهلكوا من العطش، قبل أن يبادوا فعلًا بالسيف، أخمن أن الصور لا تختلف عن صور بشاعة ضحايا سوريا أو فلسطين الآن.
ومن العراق إلى الحجاز، حمل شرارة الثورة عبد الله بن الزبير، أبيه حوارى رسول الله، وأمه بنت الصديق وذات النطاقين، ومع ذلك انتهت الحرب بهزيمته من الطرف الأكثر قسوة ووحشية، هزم فى جوف الكعبة بعد أن قذفوه وإياها بالمنجنيق، ثم صلبوا جثمانه.
انكسر جيش يقوده سيد شباب أهل الجنة، ثم ثورة إمامها أول مولود فى الإسلام بعد الهجرة ، فهل جرؤ أحد -حينها- على طرح احتمال أنه عقاب من الله لهما.

******
كنت أسير فى وسط البلد مع صديق لى، وعندما مررنا أمام مقهى ريش، قال لى بأن الكثير من الأدباء كانوا يلتقون هنا، ثم انحسر حديثنا على أمل دنقل تحديدًا، تساءل صديقى:
- ماذا لو لم يتوف فى هذا العمر المبكر؟ أى قصائد خالدة كان من الممكن أن يضيفها؟
فى الفترة الأخيرة، طرأ فى بالى خاطر آخر.
هناك رفيق لأمل دنقل فى الثورية والنضال، ذلك الرفيق عاش حتى أرزل العمر، سجن فى عصر عبد الناصر، وكتب قصائد فى قدح الحكم القمعى حتى أيام مبارك وأوائل الثورة، وفى تحول درامى غريب صدم محبيه، التقى برئيس ينتمى لنفس الطرف الآخر الذى لطالما ذمه، قالًا (احنا شعب.. وانتوا شعب).
يبدو الرحيل الباكر لدنقل مسألة مفجعة محبطة، لكن لنتصور بأن أمل دنقل منحوه الاختيار:
- أتموت باكرًا، يتغادر بصورتك الناصعة الثورية؟
- أم تبقى أمد أطول وتختتم حياتك بمثل خاتمة رفيقك؟
ترى ماذا كان ليختار؟
كل ما سبق مجرد حوار مع نفسى بصوت عال، وما قد يبدو إجابات مقنعة جدًا بالنسبة لى، قد يمثل بناء ملئ بالثغرات بالنسبة للآخرين.
فى النهاية؛ كله مرهون بالفكرة والاختيار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"