الأربعاء، 14 فبراير 2018

أسعار كتبك -كمؤلف- صارت غالية جدًا، فما العمل؟

السطور التالية.. لا تدعي إعادة اختراع العجلة، فكل الأفكار التي تحتويها إنما قتلت بحثًا.
كل ما هنالك.. أننا نعيد تجميعها والدردشة فيها بصوت عالٍ، بدلًا من الموت كمدًا.

1- الحل الحكومي:
أغلب الخامات الداخلة في صنع الكتاب، إنما هي مستوردة من الخارج سواء (ورق، أحبار طباعة)، بالتالي.. إذا صدر قرار حكومي بإلغاء الجمارك على تلك الخامات، سينعكس ذلك على مباشرة أسعار الكتب بكافة أنواعها.
لكن.. (يا مستنى السمنة، من ورك النملة)، لذلك دعونا نتحدث عن حلول أكثر واقعية.

2- الطبعات الشعبية:

المميزات:
-سيصل كتابك إلى الجمهور بسعر رخيص.

العيوب:
-صعوبة التوزيع: فكتب الجيب لا تدخل المكتبات الكبرى مثل سلاسل (ألف) و(ديوان).
- أكشاك الجرائد؟ لاحظ أن ربح الطبعة الشعبية محدود جدًا، فلو أن هناك 9 أكشاك معاملتهم أمينة، وواحد فقط صاحبها لص، سيتسبب هذا الواحد في فقد المشروع لجدواه الاقتصادية.
نقطة أخرى فيما يخص الأكشاك: للأسف تتعرض الكتب لمعاملة سيئة، فيعود إليك نسبة كبيرة من (المرتجع) كـ (توالف).
-نقلًا عن ناشرة عزيزة، فاجئني بإحباطها من أن: نفس القارئ الذي يشتكي من ارتفاع أسعار الكتب، ينظر بدونية لما يجده رخيص منها، ويتعامل من منطلق (كتاب بمقابل زهيد، يعني بالضرورة كتاب مستواه سيء).
-ملحوظة: لا يتبق أمامك سوى مكتبات الوسط التي (ليست بالفاخرة مثل ديوان وألف، وليست بالأكشاك)، على غرار (عمر بوك ستور)، (ومضة- أسيوط)، (كتابيكو- القناة)، (الوفاء- دمياط)، إلخ. ملحوظة: صارحني أحد ملاك هذه المكتبات أنهم يستعملون كتب الجيب، كبديل عن الفكة.
فإن كنت كمؤلف لا تعتبر في هذا شيء من الإهانة، عليك بالتجربة.

ملحوظة: من المفاهيم الشائعة الخاطئة، أن الناس يقرنون كلمة "كتيب الجيب" كمرادف للطبعات الشعبية أو مواصفات الطباعة الرخيصة.
مع العلم، أن "الجيب" هو كلمة تعبر عن مقاس الكتاب، وليس خامته.
من الوارد أن يتم طباعة عمل أدبي بقطع الجيب الصغير، وفي نفس الوقت.. بورق وغلاف فاخرين. 

3- من الناشر إلى القارئ، بدون المرور بمرحلة (نوافذ التوزيع) التقليدية:
إذا بلغ الكتاب (50 جنيهًا) على سبيل المثال، لنعلم أن تكلفة إنتاج النسخة (سعر ورق+ تكلفة طباعة +تصميم غلاف/ إخراج داخلي/ تصحيح لغوي) جميهم أقل من (20 جنيهًا) مثلًا، بينما صافي ربح المؤلف والناشر معًا ما بين 10 إلى 15 جنيهًا على الأكثر، بينما ينال الموزع نسبة 40% من سعر النسخة.
الفئة الأخيرة معذورة جدًا، لأنها ملزمة بإيجار وكهرباء وأجور عاملين.
لكن.. في المقابل.. لو نجح البعض في إيصال النسخ من الناشر إلى القارئ مباشرًا بدون المرور بمرحلة الموزع، فهذا -ببساطة- كفيل بخفض سعر الكتاب بنسبة 40%.
كيف يمكن تخطي الموزع؟
قام البعض (ربما من أولهم حسبما أتذكر (محمد المصري) صاحب دار الرسم بالكلمات)، بتجربة وسيلة توزيع تقوم على إيصال النسخة من خلال إرسال فرد يقول بتسليمها للقارئ في أقرب محطة مترو.

3- الكتاب × جريدة:
أحد أعداد جريدة (الأهالي) احتوى –فقط- على رواية (ولاد حارتنا) بالكامل.
نعم، لا أخبار ولا مقالات، تم إفراد جميع الصفحات لتضم نص الرواية فحسب.
مميزات هذه الطريقة:
-سيتم عرض كتابك بسعر زهيد جدًا، نظرًا لانخفاض تكلفة ورق الجرائد، عن نظائره الأخرى المستخدمة في الكتب، كما أن الغلاف يتكلف ميزانية منفصلة، لن تحتاج إلى تكبدها عند الطباعة بهذه الطريقة.

العيوب:
-تصلح أكثر للمجموعات القصصية أو النوفيلات (15 ألف كلمة)، بينما يصعب تطبيقها على النصوص الطويلة.
-كلنا كمؤلفين وقراء، نفضل رونق الكتب المغلفة.
-سيكون عليك ككاتب، أن تمالك أعصابك، إذا رأيت نسخ من (روايتك- الجريدة) يتم استخدامها في محلات الفول والطعمية.
-لن يتم التعامل مع عملك الأدبي بجدية من فئات كـ (النقاد أو الإعلام).
- المطابع التي يتعامل الناشر أو مؤلف الكتب، لا تمتلك في الأغلب ماكينات تنتج مقاس الجرائد، كما نعتاد التعامل مع مصممي أغلفة ومصممين داخليين، لذلك سنرتبك لفترة عند تجربتنا الأولى لإصدار (رواية × جريدة)، فنجد نفسنا نبحث عن كوادر في مجالات مختلفة تمامًا، كالإخراج الصحفي الداخلي، والأماكن التي تحتوي على آلات طباعة للمقاس الكبير.

4- النص جريدة:
المقصود هاهنا طباعة جريدة (4 أو 8 ورقات) بمقاس يشبه أخبار الأدب، يشارك في تحريرها وإصدارها عدة مؤلفين، توزع مجانًا أو بسعر زهيد.

المميزات:
-يمكنك تصميمها بنفسك عن طريقة برنامج (ببلشر) الذي يحتوى على قوالب جاهزة للتصميم، ويتواجد في حاسبات أغلبنا ضمن حزمة (الأوفيس)، أؤكد لك أنك ستوفر تكلفة الاستعانة بمخرج فني، وتستطيع إنتاج تصميمات مقنعة جدًا بواسطة هذه القوالب.
-التكلفة: لو هناك جماعة أو فريق أدبي من 6 أفراد، اقتسموا تكلفة طباعة 1000 نسخة بتلك الطريقة، سيجد كل منهم أن نصيبه من المبلغ لا يزيد عن 75ج.
-هذا إن لم تستطع إقناع دار نشر بأن تمول الفكرة، مقابل نشر إعلانات لها داخل كل عدد. لاحظ أن إنتاج الـ 1000 نسخة التي ستصل إلى يد 1000 قارئ، لا تزيد تكلفتها عن طباعة بانرين.
أي أن دار النشر ستجد وسيلة دعاية/ مبتكرة/ رخيصة.
جربنا هذه الطريقة بأنفسنا ضمن مبادرة (لأبعد مدى) المتخصصة في الخيال العلمي والفانتازيا، وأزعم أنها من أروع المشاريع التي شاركت فيها بحياتي.

العيوب:
-هذه الوسيلة تعد مثالية أكثر بالنسبة لأفراد أو رابطة أدبية، تنشر مواد مكثفة، على غرار (المقالات، الكوميكس، الشعر، القصص القصيرة).
ضع خطًا تحت مسألة (الكوميكس) بالذات.
-

يقدر عدد نسخ الطبعة الواحدة بالآلاف، سواء من (سلاسل المؤسسة) أو (مكتبة مصر).
حيث تعد من المعلومات البديهية أنه: (يصير سعر الكتاب أرخص، كلما يتم زيادة عن نسخ الطبعة الواحدة)، لكن.. لا يمكن للدار الصغيرة أن تخاطر بطباعة 10 آلاف نسخة لمؤلف جديد.
وهكذا ندخل في معضلة (أنت كاتب جديد، تهتم بإتاحة إنتاجك للجمهور بسعر رخيص، مفضلًا عامل "الانتشار" على "انتظار ربح")، لكن في المقابل (لا يمكنك أن تتيحه بسعر رخيص، لأن اسمك ليست منتشرًا كفاية).
 -
العائق المشترك أمام أغلب الأفكار السابقة:
يبلغ حجم الطبعة الواحد من عدد (سلاسل المؤسسة العربية الحديثة) بالآلاف.
حيث تعد من المعلومات البديهية أنه: (يصير سعر الكتاب أرخص، كلما يتم زيادة عن نسخ الطبعة الواحدة)، لكن.. لا يمكن للدار الصغيرة أن تخاطر بطباعة 10 آلاف نسخة لمؤلف جديد.
وهكذا ندخل في معضلة (أنت كاتب جديد، تهتم بإتاحة إنتاجك للجمهور بسعر رخيص، مفضلًا عامل "الانتشار" على "انتظار ربح")، لكن في المقابل (لا يمكنك أن تتيحه بسعر رخيص، لأن اسمك ليست منتشرًا كفاية).

-  ما هي التجارب التي نجحت في مجال الطبعات الرخيصة؟ ولماذا؟

-روايات مصرية للجيب:
عاد الراحل العظيم (حمدي مصطفى) من الخارج وهو يحلم أن (يرى الشباب يقرأون في المواصلات، مثل الأوروبيين)، وأزعم أنه نجح إلى حد كبير.
عندما نتأمل هذه التجربة، وجدت أن عوامل توفيقها تعود إلى الرؤية والصبر اللذان تحلى بهما الرجل.
فقد لا يعلم الكثيرون أن الأعداد الأولى من السلاسل لاقت أرقام محبطة في المبيعات، غير أن الرجل استمر بحملة إعلانية واسعة في العديد من الصحف، وهو ما لا تستطيع دار شبابية صغيرة (من التي حاولت إعادة تكرار التجربة) أن تحذو حذوه.
كما أن الربح الأساسي للمؤسسة يأتي من سلسلة (المعلم) وغيرها من المراجع المدرسية الخارجية، لأن كتب الجيب غير مربحة في حد ذاتها.
2- قامت دار الرواق مشكورة بإصدار طبعة شعبية من أحد روايات المؤلف (محمد صادق).
وقامت (أطلس) –فك الله سجن صاحبها- بعمل طبعة مخفضة بدورها من أحد إصدارات (عمر طاهر)، بالاتفاق مع المؤلف. أعتبر كلاهما مبادرات طيبة جدًا، تساهم من مواجهة وقاحة مافيا الكتب المزورة (نفتقد تزوير الكتب الذي ينتمي للزمن الجميل، أما هذه الأيام.. وجدت نسخة في وسط البلد، يبعونها بأغلى من السعر الأصلي ذاته).
مثل هذه التجارب، لفتت نظري إلى أن أهم شيء، هو "المعلومة".
القارئ الذي اشتري الكتاب المزيف بـ (35 ج) من فرشة الجرائد، مشكلته الأساسية أنه لا يعرف معلومة: أن سعر النسخة الأصلية الموجودة على بعد أمتار في مكتبة (الشروق)، يساوي (25 ج).
أي حتى في حالة كونك مؤلفًا أو ناشرًا شهيرًا، إذا تبذل جهدًا كافيًا كدعاية لطبعتك المخفضة، لن تنجح في سحب البساط كما هو متوقع، من فرشات الكتب المزورة، الذين يستغلون هذه النقطة، بالذات في الأقاليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"