الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

الكتابة؛ ما بين مهندسيها، وحرفييها، واللى ملهمش فيها

المؤلفون ثلاثة طبقات، (وإن كان ليس المؤلفون فقط، بل سكان أى مجال إبداعى):
- المهندسون المجددون، أصحاب الدرر التى تغير مسار الأدب، سواء: فى الحبكة، السرد، الأفكار، إلخ.
- الحرفيين: الذين يعرفون سر الخلطة لو جاز لى القول، فيستطيعون بأدواتهم المتوسطة، صنع نتيجة ناجحة شعبيًا.
- اللى ملهمش فيها.
الطبيعى فى أى مشهد أدبى، أن يكون بالضبط كما تراه عندما تمر على عمارة قيد البناء، هناك قلة مهندسون، والكثير من الحرفيين، وبعض العمال (اللى ملهمش فيها)، انضموا فقط للحصول على (يومية) من عمل جديد لا يعرفون عنه شيئًا.
المهندس هو الكريزة التى تزين جبين التورتة، لا تنطبق عليه قواعد، هو من يصنع القواعد، ويأتى بها من العدم، لتصير حقيقة مجسدة ملموسة أمام من حوله.
كذلك الأدباء المجددون، لطالما كانت هناك أشياء اعتبرت ثوابت فى السرد أو الأفكار أو الحبكات، فياتى هو ليركل كل ذلك، ويبنى قواعد ثورية جديدة، فيسير الحرفيين على النهج، حتى يأتى ثانٍ بقواعد جديدة، وثالث، ورابع.
الحرفى، إياك أن تسهين بالحرفى، فهم كالماء، قد يبدو سائل شفاف بلا لون أو طعم أو رائحة، لكنه الأساس للحياة، هم من يحاولوا طوال الوقت تعويض عدم امتلاكهم الموهبة الفطرية، فيبذلوا جهدًا طوال الوقت الوصول لأفضل خلطة، بما لديهم من أدوات مهما كانت قليلة.
إن ما يحفظ سير أى بناء، هو وجود وفرة حرفيين يشيديوا بأناملهم، فبأى حال من الأحوال سيظل المهندسون قلة يجود بهم الزمان من وقت لآخر، بالتالى لنتخيل ماذا يمكن أن يحدث لو تآكلت طبقة الحرفيين، ستكون النتيجة الطبيعية أن؛ شغلًا للفراغ سيحدث تلقيائيًا من قبل (اللى ملهمش فيها)، فيصير إيذانًا بحقبة من التدهور.
ألفت النظر على أن الطبقات الثلاث ليست ثابتة، بل بينها حركة ديناميكية طوال الوقت، هناك من يبدأ ملوش فيها، وقد يصل إلى أن يصير حرفيًا أو مجددًا، أو شخص عاش طوال عمره حرفيًا، لكنه ذات مرة أو مرتين تفوق على نفسه، وقد أعمال كان فيها مجددًا، لكن أعترف أنه من الصعب أن تجد مجددًا تحول إلى (ملوش فيها).
ولعل أفضل اختصار لكل ما سبق، هو التقسيم الموازى الذى سمعته يومًا عن أن:
-العامل..من يعمل بيده فقط.
-المحترف..من يعمل بيده وعقله.
-المبدع..من يعمل بيده وعقله وقلبه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"