الخميس، 19 مارس 2015

25 عامًا من العزلة

(1)
قالوا له أنك ولدت عصرًا، لم يستطع أن يهضم هذه الحقيقة قط، الشعلة النارية الدائمة التى قُد منها صدره، لا تتفق وشخص ولد فى رومانسية ساعات العصارى.
كرر السؤال لوالدته اليوم بالتحديد، فقالت:
- ليس العصر بالضبط، بل قبلها بقليل، ما بين الظهيرة والعصر.
- أها، الظهيرة، الآن يصير الأمر على شئ من المنطقية.
(2)
أول خطوة.
(3)
أول أ.. أول إحساس بأشياء لا تدرى كنهها.
(4)
أول تجربة للسان مع الأبجدية، ومع اكتشاف الداء السخيف بأن (الراء) لا يخرج منه على ما ييام (يرام) مثل أصدقاءه (عبد الله) و(هانى).
(5)
طفل يتسلق الطاولة العالية، تبدو القمة وكأنها أعلى من ايفريست، استغرق الأمر وقتًا، حتى يصل إلى الأعلى، ويجلس القرفصاء وقد وصل إلى هدفه، هدفه النظر إلى الكتاب الذى بين يدى شقيقه الأكبر، أول موعد مع سطور على صفحات ملونة.
ثم بعض الجارات الشابات بديهن وقت فارغ، فقررت أن يسثتمرنه فى  تعليم القراءة الفتى الصغير .
(5)
1- النجاة من حادث سيارة.
ثانيً: عدم النجاة عندما ضبطته والدته أثناء أول تجربة له لمعاكسة لفتاة، (بالمناسبة لا تزال تسمكها عليه حتى الآن، رغم مرور عشرين عامًا).
(6)
الهجرة، وتغيير العنوان إلى المكان والموئل الحقيقى.
(7)
نشيد الصباح، جلباب بلون (بيج) هو قوام الزى المدرسى لـ (الإمام مالك) الابتدائية.
(8)

حقنة التطعيم.

(9)

ضاق المدرسون ذرعًا بأسئلة الغزيرة.
(10)
لقاء الصديق الصدوق، وشريك الرحلة، اسمه (وائل)..ودائمًا ما يكون اسمه (وائل) عادة.
(11)
أول موعد مع سلاسل الجيب، بدأ الغيث من قطرة (الأصابع الذهبية) سلسلة (رجل المستحيل)، والذى سرقه من بين مجموعة كتب خاله، فيما بعد صارت لديه مكتبة كاملة، من السرقة كذلك طبعًا.
(12)

الحصول على اللقب الذى سيحبه ويبغضه فى نفس الوقت، لبقية حياته.

(الطفل المثالي) على مستوى المدرسة.

(13)
أطول رحلة مع المرض، بدأت بالتأمين الصحى، وانتهت بمعهد (أورام) أسوان، فيما بعد سيكتب له عمر مختلف، ويعود ثانية للمعهد، لكن كفنى أشعة قيد التمرين.
(13)
أين الله؟
(14)

أمطار الأجوبة موجودة، لكن القلب لا يزال عطش.

فى نفس الوقت، الطفل المثالى كبر، فاكتشف أن اللقب تغير اسمه (الطالب المثالى).

(15)
خناقات المدرسة المعتادة، قليل من الانتصارات، وكثير من الهزائم.

ثم (طريق التنين) أول رواية يكتبها فى حياته.

(16)

1- أول منافسة فى تصفيات الجمهورية بأحد الأنشطة الطلابية، وخسر.
2- التفاؤل يزلزل كيانه، لدرجة أن أول قصة قصيرة فى حياته كان اسمها (مصرع حلم)، أما الثانية فكانت (بلا أمل).
3- وائل يقول له نصيحته الأبدية: اصبرررررررررررررر.
(17)
لاحظت ارتجافى الخفيف، فقالت لى زميلة الرحلة بابتسامة مشفقة:
- بردان؟
بشرود أجاب:
- بردان، و...خائف.
قالت:
- خائف؟! مم؟!
- (انتبه فجأة) هه، من قال خائف، الصعيدى لا يخاف.
- أنت قلت؟!
- كلا، لم أقل، ربما هيئ لك، (انكمش قليلًا بين ياقتى معطفه الأسمر، وتمادى فى الكذب) لم أقل أبدًا.
والأسوأ، أن عينيها قد تقع على هذه الأوراق، فتتأكد أنه كان كان يكذب.
(18)

البالطو الأبيض، لا ليس كلية الطب، بل المعهد الفنى الصحى بأسوان.

أتبعها بأول مجلة مع صديق الرحلة (وائل)، وتولى مسؤلية باب أسماه (عالم الغد) متخصص فى الخيال العلمى والرعب، فيما بعد ستصير فكرة هذا الباب، نواة لمشروع أكبر منفصل سيلتهم حياته اسمه (لأبعد مدى).
(19)
كل التواريخ السابقة قد لا تكون دقيقة بالضبط، فمثلًا منطقى أن الانضمام للمعهد بعد الصانوية العامة، فبالتالى فى السادسة عشرة، وليس الثامنة عشرة، ما هذه الربكة، من ذهب أين، ومتى؟!
(20)- (21)
الحقبة التى تستحق بحق التسمية بأيام الغضب.
محى الاسم، واستبدل مكانه برقم، وسلاح فى الخدمة الثالثة على البوابة، وأصحاب جدعان يخففوا وطء الأيام المظلمة، ويسألوا عنه من النافذة عندما دخل سجن الوحدة مبتسمًا.
(22)
أول رواية، اسمها (المنسيون)، وهى حقًا لها نصيب من اسمها، مما علمه الحذر وهوا يسمى رواياته اللاحقة.
(23)
فنى أشعة بمستشفى الأقصر الدولى.
(24)
- فنى أشعة بمستشفى دراو المركزى، (لماذا لا يوجد مكان يتحمله أكثر من عام!!).
- أطلق العنان للجنون الذى أسماه فيما بعد (مبادرة لأبعد مدى).

- قارئ يوجه رسالة إلى مجلته (ومضات)، نريد أن تكتب لنا عن موضوع كذا فى الخيال العلمى، بحكم أنك متخصص، فيجيب بصدق: لست متخصص، لكننى متخصص فى التظاهر بالتخصص.
- الطبيعة الانقباضية الانبساطية بدأت تؤتى ثمارها، هناك ثلاث روايات فى أقل من 8 شهور، ثم احباط طوال العام الكامل اللاحق لأنه لم يستطيع انجاز رواية واحدة.
- نجاحات مبشرة متتالية كإدراى، يقابلها فشل متتالى وذريع ككاتب.
- شعر بالفتور، وبأنه لم يؤدى دوره كما يجب كمدافع أيمن، قرر الخروج، ليشير لأحد الفتية دون العشرين أن يحل محله، ولكم استغرب من الحيوية التى دبت فى كلاهما، لولا أن يوسف كان أسبق، ونزل أولًا، وعندما رأى حركة يوسف المشتعلة، تمنى لو أخلى مكانه مبكرًا أكثر من هذا، فمن الحرام ألا يكون هو مستمتعًا أو متحمسًَا، وفى نفس الوقت، يشغل المكان بينما من يملك كل ما سبق ساكن فى الخارج.
"عندما تفقد الشغف، غادر الملعب"
كل ملعب.
(25)
فى العادة، يبدأ لا يبدأ عامه الجديد بشموع، يكتفى بحرق عود كبريت، ويحرق معها أعصابه فى إعداد كشف حساب على ما هو فات، وتخطيط دقيق لكل ما هو قادم.

عدا هذا العام.
لا يوجد جدوى حساب للعام المنصرم، لأن المحصلة فى مجاله الأساسى كانت صفر.

لا يوجد جدوى من التخطيط لما هو قادم، لأن كل شئ مخطط له بالفعل، هو لم يفقد البوصلة، بل فقط الرغبة فى السير، وذاق من عبثية الاتجاهات.
سيجرب بعض التغيير، ربما يصلى طلبًا للطمأنينة، أو يعدو بضعة مئات من الأمتار طلبًا للادرينالين، وربما يحتضن أغطيته ويقرر الفرار بالنوم باكرًا، لربما يستيقظ باكرًا أيضًا ويجد (سانتا) تاركًا له فى جوربه الهدية الوحيدة التى ينتظرها، بعضًا من (الشغف).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"