الأربعاء، 21 يناير 2015

بعث جديد لأدب الملاحم على يد (الغول الأحمر الأخير)

أجمل ما حدث لى، يوم حصلت على النسخة هدية وموقعة من كاتب، طالما تمنيت التقاءه.
كانت الرواية رفيق رحلتى طوال سفر 15 ساعة بالقطار، من القاهرة إلى أسوان، مرتين.
ومن فرط ما بددت عنى ملل السفر، أخالنى سأعود لعادة القراءة فى القطار ثانية، حسنًا، نعود للرواية.
نظرًا لسخافتى فى عشق الدقة، يستحق باقتدار أربع نجمات إلا ربع..
وسنتحدث لاحقًا لماذا الربع الناقص بالضبط..
لكن لأتوقف أولًا عند أشياء عدة تستحق التحية، فى هذا العمل الاستثنائى:
أولًا: كنت شخصيًا فى أزمة، أن أقنع الجميع بأنه من الممكن أن توجد فانتازيا بعبق شرقى صرف، وليس من الضرورى أن رواية فانتازيا لكاتب شاب، هى بالضرورة استنساخ لعوالم هارى بوتر وملك الخواتم.
الآن، جعلتنى هذه الرواية مع اثنان غيرها، فى مركز قوة، واستطيع ألا أرهق نفسى فى جدل عقيم، فقط يمكننى الرد على سبيل المثال:- أقرأ الغول الأحمر الأخير..
هناك حكى ثم حكى ثم حكى.
400 صفحة من السرد المتواصل، بمنحنى مستقر من الامتاع، وهو شئ فى غاية الصعوبة يدركه كل من جرب الكتاب، أن تسير لكل هذه المسافة من الصفحات، دون أن تسقط فى فخ الاملال..
الشخصيات إنسانية مثلنا، لا يوجد أبطال خارقون ، ولا أشرار ظلاميون 100%، أعجبنى حاكم الثغر الصغير بشكل خاص، كمثال لما أقصده، واستوقفتنى هذه الشخصية، رغم قصر ذكرها ودورها فى الأحداث.
تأثرت بعنف مع التطور الأخير لشخصيات غول الحق وجابر.
عن اللغة، أشفق على شخص يحاول أن يقدم عمل يدور فى تاريخ قديم، لأنه مضطر أن يتقمص لغة فصحى كلاسكيكية، كى يعطى مصداقية للجو الذى يقدمه، وقد يبدأ الكاتب بلغة قوية، ثم تخونه حصيلته مع استرسال العمل، لم أشعر أن هذا حدث مع الغول الأحمر ولو لذرة..
يمكن تقسيم العمل لرحلتين ملحميتين للبطل عبد الشهيد، الذهاب، ثم العودة.
تم الفصل بين الاثنين، عندما اتضح للبطل أن رحلة الذهاب كانت بلا جدوى، كنت أتوقع مخرج لتتمة القصة، وخشيت أن يكون المخرج غير مقنع، ولا يتفق مع وصول الأحداث لطريق مسدود تمامًا، لكن ما أن أعجبنى وأمتعنى أن المخرج جاء منطقى ومحبوك.
ومهد لتسلسل منطقى للأحداث.
وأستطيع القول أنه مهد للجزء الذى أعجبنى أكثر من العمل، وهو جزء العودة، لما فيه من اصطدام مباشر، وحماسة، وسرعة أحداث.
استحضار الكاتب لتكنيك سرد كلاسيكى، لهو من أكثر ما أعجبنى فى العمل، تكنيك القصة داخل قصة داخل قصة، والذى اشتهرت بها أمهات ثقافتنا العربية ككليلة ودمنة، لكن لم أحب إضافة تلك الصفحة التى كان بطلها حيوانات فقط، لكن عمومًا هى صفحة من 400 صفحة من المتعة على أى حال.
تحفظاتى على العمل استطيع القول أنها قليلة، مثلا المصادفة بنطق البطل اسم قبيلة الغيلان فى الحفل، دون أى معرفة مسبقة.
ومشهد نهاية الحرب، نزل فجأة دون تمهيد.
والصفحات التى تتحدث بلسان المغوار بن الأسود، لم تقنعنى كثيرًا، كنت أتمنى ان استمع إلى صوت بطل مختل، كى يلوى عنق المنطق فى تبرير أفعال بهذه الظلام، ويدعى أنها مسببة.
أما عن أكثر نقطة أصابتنى بالاحباط فى بداية العمل، هو أننى توقعت أن الرواية قائمة على خوارق وقبائل غيلان بالمعنى الحرفى الكلمة، لكن اتضح أنها سيرة أقرب للسيرة الهلالية وذات الهمة و.. و..
على أى حال جعلنى الاستمتاع بالعمل أتجاوز عن هذه النقطة، وأتعامل مع النص، وفقًا لما أختار أن يكون قواعده.
(الغول الأحمر الأخير) علامة مصرية شابة فى أدب الملاحم والتاريخ الخيالى، يستفزنى أنها لم تنل ولو واحد على عشرين من الاهتمام الذى تستحقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"