الثلاثاء، 30 يونيو 2015

لعلمك؛ مارتن لوثر كينج.. ليس أسود!

افتتاحية العدد 22 من مجلة (ومضات) من الخيال العلمي والغرائبيات

عام 1922م، شهدت دور السينما عملًا لافتًا، من بطولة (ديفيد أويلو)، وإخراج (أفا دوفيرني)، وجد الفيلم طريقه إلى سُدة ترشيحات الأوسكار- فئة أفضل فيلم.
أعتقد أن البعض ذاكرته السينمائية طيبة، فخمن أنني أتحدث عن فيلم (سيلما).
يحكي الفيلم قصة المناضل الأسمر (مارتن لوثر كينج)، والذي خاض صراعًا عنيفًا ضد عنصرية البيض، المشكلة أنه بعد كل هذا التاريخ والعرق والدم، تكتشف حقيقة صادمة؛ مارتن لوثر كينج، ليس أسود أصلًا.
كذلك المثل عام 2012م، أجري موقع IMBD ترتيب لأجمل ممثلة شقراء، فجاءت (Amanda Seyfried) في المركز الأول، (مع أنني كنت أفضل تشاليز ثيرون)، في حين أن الحقيقة: كلاهما ليستا شقرواتان من الأساس.
أزيدكم من الشعر بيتًا، يحتفل الهنود سنويًا بما يسمي مهرجان (هولي) أو مهرجان الألوان، فيتقاذفون ببودرة تحمل أطياف مختلفة منها، الغريب هو تناسيهم لنفس الحقيقة، لا يوجد شيء اسمه في الوجود اسمه (ألوان).
حقيقة كلنا ندرسها منذ الإعدادية، ومع ذلك نصر عمدًا على أن نغفلها، فنقيم حروب عنصرية، ونمنح جوائز جمال، ونحتفي ونشيد مهرجانات لهو، وكل ذلك على أساس نعرف جميعنا أنه غير حقيقي.
ولمن لا يزال يتعامي عما أقصده، نعيد تذكيره بما تعلمناه في صبانا أثناء حصص الأحياء، وكيف "نبصر" ما حولنا؟
ألا تذكرون؛ أن أبسط حقائق الفيزياء تقول أنه لا يوجد في -الواقع- ما يسمي (ألوان) أصلًا.
في البدء، كان أرسطو.
تميز الفيلسوف بأنه كان لم يحصر نفسه في تأطير مدرسة فلسفية، بل كان أستاذًا في طهو النظريات العلمية دون تجارب، يمكن لهذا الرجل أن يفسر لك أي ظاهرة في الكون، وهو جالس في متكأه.
ومن بين ما قاله الفيلسوف الكبير؛ استنتاجه الخاطئ أن "الرؤية" ناتج  لخروج  أشعة من العين على ما حولنا، وصمد هذا الاعتقاد حتى القرن التاسع الهجري، حتى نسفه ابن الهيثم وأثبت العكس، العين تستقبل الضوء المنعكس من الأجسام، فيترجمها جهازنا العصبي إلى لغة الألوان.
وهذه الترجمة لها مفردات وقواعد:
الأبيض أبيض لأنه يعكس كل شيء.
على العكس الأسود في حقيقته هو جسم امتص جميع الألوان.
 رسامة صديقة، وقفت أمام لوحتها بمكتبة الإسكندرية، وصارحتها بأنها جيدة، لكن اختيارها للأزرق الفاتح –كأرضية- كان سيئًا بالنسبة لي، أعتقد أنها تضايقت مني، لذلك انتبهت لأمرين، من ناحية، محاولة التحلي بقدر أكبر من اللباقة في المرات القادمة، ومن ناحية أخرى، أنني مخطئ تمامًا فيزيائيًا، فما زرقة اللوحة إلا لأنها تمتص جميع الأضواء، وعكست فقط الأزرق، أي أنني استنكرت الشيء الوحيد الذي لا يوجد باللوحة أصلًا، كل ما سبق هو قواعد ترجمة جهازنا العصبي للرؤية، وطلاءها لها بما يُسمى "الألوان".
أما خارج هذا الجهاز العصبي، لا يوجد أي شيء من ذلك، كله غير حقيقي، الثعابين تري بالأشعة تحت الحمراء، فهي تستشعر فقط بالانبعاث الحراري الصادر من جسدي، وعندما تلذغ لا تعرف زنجي من أصفر من أبيض، فهي لديها لغتها البصرية الخاصة، التي لا  تعرف إطلاقًا هذه المعاني.
على نفس الغرار، لا تستطيع الأحصنة والحمير الوحشية أن تعرف لون جلبابي أو عيناي أو ملامحي، فهي لا تميز الألوان أصلًا، وتري كل ما حولها بالأبيض والأسود وبعض درجات من الرمادي.
 ويدعي البعض نفس الشئ بالنسبة للثيران، أنها مصابة بعمى الألوان، لا تصدق إذن ما يحدث في الحلبات مصارعتها الأسبانية، ما يستفز الثيران هو
حركات المصارع، وليس لون قماشته الحمراء، لقد جربوا الأبيض منها فأدي نفس النتيجة.
أما الحشرات فلديها الأمر مختلف، بعض الفراشات والنحل تبصرني فقط بالأشعة فوق البنفسجية، عيون الحشرات عمومًا مختلفة عن عيون البشر، فهي تتكون من مئات أو آلاف العدسات الصغيرة، تلتقط كل منها الصورة، ثم يقوموا بجمعها سويًا.
يعيش كل من هذه الكائنات، ويموت، بينما جهازه العصبي في تفاعل وصبغ لما حوله، فيظن أن هذه الصبغة هي الحقيقة.
كله وهم، بدءًا من قوس قزح في ساحة السماء، حتي لون ناديك المفضل على ملاعب الأرض.
كل ما قلته بالمناسبة ليس جديدًا، وقُتل بحثًا من العلماء والفلاسفة وفيلم (ماتريكس)، ثلاثتهم وأكثر تساءل عن حقيقة وجودنا بأكمله، وما الأداة لتعرفه؟
حواسنا؟!
حواسنا بالكامل ينطبق عليها ينطبق عليها نفس ما ينطبق البصر، لكن أعود وأقول أننا ننسي هذه الحقيقة.
أي غفلة تلك؟!
كتب أمريكي على باب مطعمه، إبان التمييز العنصري: "ممنوع دخول الزنوج أو الكلاب".
فهل علم تلك الحقيقة السابقة، وأنه بني تحيزه الجاهل على أساس غير حقيقي بالمرة؟!
هل علمها (جيمس إرل راي) عندما نظر عبر علامة + في بندقية القنص، وأحكمها تجاه (مارتن لوثر كينج)؟!                     
هل علمها عديم الذوق، ذاك الذي لم يضع (تشاليز ثيرون)  كأفضل ممثلة، يترجم جهازنا العصبي لون شعرها إلى الأشقر؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"