السبت، 5 أكتوبر 2013

خرق المألوف فى محراب السرد

الروائى انسان مطارد بلعنة أبدية، هى الرغبة فى التجديد المستمر.
كل واحد منهم، يعمل ابداعه فى أحد أو بعض العناصر، من:
الموضوع، الأسلوب،اللغة، الزمان، المكان، الشخصيات.
ومنهم من يتمرد كليًا، فيعمد إلى تغيير طريقة السرد بالكامل، وفى طليعة هؤلاء: العالمى (نجيب محفوظ)، من أبرز تجاربه المباغتة فى هذا الصدد رواية (حديث الصباح والمساء).
يتناول العمل مسيرة ثلاثة أجيال من ثلاثة عائلات، الملفت هنا أن الرواية لا تتناول كل عائلة على حدة، أو بتناوب السرد بينهم، أو بتدفق زمنى مباشر من الحاضر للمستقبل (فلاش فورورد)، أو العكس (فلاش باك).
بل قسم الرواية إلى فصول، كل منهم يحمل أسم أحد ابطال الرواية ورتب الفصول حسب الترتيب الأبجدى للأسماء.
ومن هنا قد يأتى ذكر الأخ الأكبر، قبل الأصغر  والحفيد قبل الجد، إلخ.
مما يجعل الارئ يعتمد على نفسه فى تركيب الصور المبعثرة لتكون المشهد الكامل للعمل.
يبدو هذا التناول مربكًا لأول وهلة، لكنه من ينكر أنها طريقة ثورية لم أتخيل أن نراها.
ليس لدى معلومة دقيقة إذا ما سبق أحد نجيب محفوظ إلى هذا القالب المدهش، وإن كنت اعتقد أن هذا صعب للغاية، من العسير أن يفعل شخص ذلك إلا عم نجيب.
أعمال عديدة عبر التاريخ؛ كسرت الروتين ،واختلقت نهج مختلف فى السرد:
- بدأت من (ألف ليلة وليلة) التى فجرت أسلوب القصص المنفصلة التى يربطها خيط واحد، قد يكون (رواى، موقف، مكان، إلخ)
وانتقلت الطريقة إلى الغرب عبر (الديكاميرون)، حتى صارت شائعة فى كل مكان إلى الآن.
- الرواية متعددة الرواة التى يحكيها كل بطل من وجهة نظره، فتتكون الصورة الكاملة أما القارئ شيئًا فشيئًا.
- ثم بدأ الروائيين يفطنوا إلى التلاعب فى عنصر مهم من الرواية، وهو (الزمن).
فاعتادوا التجديد عبر التلاعب بتكنيك التقدم إلى الأمام (فلا فورورد)، والعودة إلى الماضى (فلاش باك).
والأمثلة فى هذا الصدد أكثر من أن تحصى  لدرجة أن ذهنى نسيها جميعًا ، فأعجز عن تذكر مثال واحد.
ما علينا.
- ادخال قوالب غير روائية فى الرواية، بمعنى أن تجد جزء من الرواية جاء فى صيغة تحقيق أو حوار صحفى، أو مقال، أو رسائل.
من أبرز من عزفوا على هذه الأوتار، الأب الروحى لجيلنا (أحمد خالد توفيق).
فكما وصف هذا العملاق نفسه بأنه (ملول جداااااا).
صحيح أنه تمسك بأسلوب الرواي طويلًا ، لكنه ادخر لقراءه كل المفاجآت الممكنة بوسائل آخرى ، عن طريق تجديد بنيان وشكل رواياته طوال الوقت.
فنراه يوقظ تكنيك (ألف ليلة وليلة) الكلاسيكى، ليقدم لنا حلقات الرعب.
ويمتعنا بأسلوب (القصة متعددة الرواة) فى عدد من اعماله مثل (اللهب الازرق) وغيرها.
ثم صدم الجميع بشكل أحبط أغلبهم، عبر (أسطور الغرباء) وطريقة القصة التى تحفل بقصاصات الجرائد والمذكرات.
فلم يتقبل معظم قراءه هذا الشكل، واعتبروها رواية (فصيلة) حتى أنه اقترح انشاء نادى لأعداء أسطورة الغرباء.
واعتبر دكتور أحمد خالد تفوق على نفسه سرديًا، عندما قدم رواية بالكامل تأتينا عبر زاوية خطابات متبادلة، هى رواية (الدمية).
ثم جاءت قصة (فى كهوف دراجوسان)، لستعين فيها بتكنيك غربى معروف هو الرواية متعددة النهاية، ولا أدرى لم لم يتقبلها البعض.
فقد كانت تجربة ممتعة وثرية فعلًا.
حتى أسلوب القصص التفاعلية الجماعية، لم يتركه دكتورنا الحبيب ، فقدم لنا (قصة تكملها أنت) بالاشتراك مع عدد من الشباب.
ثم دخل تحدى جديد، بأن يقدم احد أعداد سلاسه فى صورة مسرحية، وبالفعل فاجئ قرائه بها فى قصة (الانفجار) بسلسلة (سافارى).
أو عفوًا  يجب أن نسميها ها هنا مسرحية (الانفجار)، لأنها تعتبر مسرحية بالمعنى الحرفى للكامل.
والآن يا صديقى، ويا صديقتى.
شاركنا تجربتك.
فاخبرنا عن أميز تجربة سردية، أعجبتك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"