الجمعة، 5 يناير 2018

عن (قميص سماوي)| الرواية الحائزة على المركز الأول في مسابقة قصور الثقافة

 
مكتوب على الغلاف، أنها الرواية الأولى في المسابقة المركزية لقصور الثقافة، حسن، بدا واضحًا خلال النصف الأول أنها صفحات بها ما يستحق، إذ أعجبني أسلوب الكاتب، وإن عانيت لأسباب لم أستطع تحديدها، هل مشكلة في التمهيد، أم الانتقال الزمني بين ماضي وحاضر البطل الرئيسي؟
في مثل هذه الأحوال، ألجأ إلى القفز إلى الثلث الأخير من الرواية مباشرة.
فإن كانت الرواية جيدة ذات تصاعد أحداث محبوك، حتمًا سيعيدني الفضول لاستدراك ما فاتني.
وإن ظلت على حالها، أكون قد وفرت وقتي.
كانت الرواية من النوع الأول.
الثلث الأخير جعلني أعود إلى الوراء، لأعرف من هي غادة، قبل أن أتقدم إلى الأمام مرة أخرى مع الأحداث، وهنا كففت عن اعتبارها رواية، بل صارت كتلة نابضة بالحياة، نجح خلالها المؤلف في نقل روح مدينة (شبين الكوم)، بمثقفيها.. دراويشها.. عسكرها.. لصوصها.. غجرها.. أبناء ليلها.. و..، و..
أعجبني رمز أحد الأبطال للمدينة من خلال مثال (المخبر، المحب، رجل البريد)، بالإضافة إلى اسقاط التاريخ على تطور أزيائها، البلوفر والتايير لطبقة الموظفين، والعباءة ضيقة الخصر للغجريات، فضلًا عن نظيرتها الفضفاضة للفلاحين.
لكنني لم أتمالك الشهور بالغثيان عندما فسر المثقف تدهور المدينة، بذوبان الفئة الأولى، وقبولها التزاوج مع الثانية والثالثة.
وكأننا بصدد أصحاب دم أزرق نبيل، والبقية مخلوقات أدنى.
للأسف، هذه النظرة العنصرية موجودة، فليس بوسعنا لوم رواية على نقلها لواقع بحت.
مما راقني أيضًا خلال نصف الرواية الثاني، حيوية الشخصيات من نوعية الصيدلي الدرويش، والضابط الذي يمتهن صناعة الصمت، علاوة على الثنائي (الطبال المريض/ الجنية الغجرية)، أدين لهما بكثير من الابتسامات من ارتباطهما الغريب الوثيق.
أجاد العمل أيضًا استغلال حادثة بني سويف، وتضفيرها مع أحداث الرواية يشكل منسجم.
باختصار، نحن أمام عمل يجيد حياكة الأصالة، بشكل يباري كبار الكتاب، وهو ما يجعلني أشك في وجود مؤامرة كونية، أو -على أقل تقدير- روح شريرة تمارس تعتيمًا ممنهجًا، وإلا فكيف لم نسمع بمثل هذه الأعمال؟ كيف -بالله عليكم- لم يملأ صداها السمع والأبصار؟ ويكتب عنها النقاد.. و.. و..؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"