الجمعة، 5 يناير 2018

2017م: لأول مرة خطبة + وفاة داخل منزلي.

على مدار الأعوام السابقة من عمري، ظننت أنني اقتربت بما يكفي من كل المناسبات الاجتماعية الممكنة: خصوصًا (زواج، عزاء، إلخ). غير أنها جميعًا كانت خارج حدود جدران المنزل.
لذلك، تصيبنا "تجربة (أول مرة)" بالدوار إذا اقتحم أحدهما -الموت أو الزواج- الأسرة، تصبح سيقانك مثل عيدان المكرونة المسلوقة على حد تعبير د. (أحمد خالد توفيق)، عندما يبلغك الخبر.
هذا ما حدث مرتين في 2017م، الأولى: عندما كبر أحد أفراد منزلي فيما يبدو، دون أن ألاحظ، لأجده "يرتبط".
عندما سمعت بالأمر لأول وهلة، حمدت الله أنني كنت جالسًا، لأن الأرض مادت بي، بينما أحاول استيعاب "كيف؟"، "متى؟".
هذا معناه إذن أنني شخت، وفي طريقي إلى أن أضرب بالنار مثل خيل الحكومة.
الأدهى، أنني وجدتني رجل العائلة الذي يفترض أن أمثلها أمام الطرف الآخر، لأن أخي الأكبر مسافر، بينما والدي توفاه الله في مطلع العام.
نعم.. من غرابة الأقدار، أن يأتي كلاه النقيضين في عام واحد.
في هذه السنة، أول مرة أدخل غرفة أشعة كمرافق مريض، وليس كفني مسئول عن إجراء الفحص.
تأنب ضميري كثيرًا عندما ضبطت نفسي -أحيانًا- أتحدث مع الطبيب المعالج عن أبي بلفظة (حالة)، باعتبارها الكلمة المتداولة بين العاملين في الستشفيات كمرادفق لـ (المريض)، فيزجرني صوت داخلي:
-
أنت ترتدي الجلباب يا أحمق، وليس بالطو.. وهذا على السرير.. أبيك.
كلنا -منذ وعينا على الدنيا- حضرنا/ نحضر عشرات العزاءات لأهالي أصدقاء أو جيران.
انتظر الموت نحو 27 عامًا من عمري، ليجعلني أجرب ما يذوقه الطرف الآخر.
كنت أتطلع إليه عن بعد، بينما يحصد الأقارب وأهالي القبيلة، غير أنني -كالجميع كنت أتعامل مع زيارته دارنا كاحتمال مستبعد جدًا، مع أن المنطق يقول أنه بديهي وقد يرد في أي لحظة.
الغريب، أنني كنت أنظر إلى الاثنين كسيارة في سبيلها لأن تصدمني، فإذا بها تمر بسلام بين خلاياي.
ما ساعدني على ذلك، أنني لم أشعر أن أبي قد رحل، بل اكتشفت أنه موجود في الكثير من ردود أفعالي التي اكتسبتها من جيناته.
سواء في العزاء الذي أصررت على تنفيذه كما يريد أبي بالضبط، رغم استياء أعمامي من تعارض ذلك مع بعض التقاليد.
ازداد المشهد دلالة، عندما جلست في المنزل استقبلت عائلة أشهارنا المقبلين لو شاء الله، الذين كان كبيرهم الراحل أحد أقرب المقربين لأبي رحمهما الله، ولطالما تشاركا أسمارهما الضاحكة حتى شهور ليست بالبعيدة.
فلم أستطع إلا أن أعلق قائلًا للضيوف:
-
في ظروف أخرى، لم نكن نحن من سيغدون أطراف هذه الجلسة، بل والدي وأخيكم الأكبر، وفي الأغلب، ستفقد قعدتهم جديتها في ظرف خمس دقائق، وسيقلبونها إلى "مسخرة" كعادتهم.
توفي في نفس العام، الحاج (علي الشاذلي) الذي كان أبي الأقرب إلى قلب أبي، ولطالما تبادلات الزيارات أثناء عملها في (القاهرة)، علاوة على والد صديقي (أسامة)، الذي يعد ابن عمة أبي في ذات الوقت.
دفن الثلاثة إلى جوار بعضهما البعض، فكنت أقول لـ (أسامة) بحكم أنه مغترب في العاصمة أغلب العام: لا تقلق، أقرأ الفاتحة له أيضًا كلما زرت أبي.
المرح، الشغف بالحياة، صلابة الرأس، إلخ.
تعلمت هذه الصفات من ذاك الرعيل.. بعد رحيلهم.. بنفس القدر الذي مرروها لنا في حياتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"