الاثنين، 27 فبراير 2017

الكبار

- في حالة دخول مجموعة لأداء واجب عزاء، يجب أن يتقدمهم الأكبر سنًا بالضرورة، يليه الباقيين بأي ترتيب.
تعد هذه أحد التقاليد البديهية في الصعيد، أو.. لا أعرف.. ربما خارجه كذلك. 
لو أردتم الجد، أعتبرها قاعدة مريحة جدًا، نظرًا لذاكرتي الضعيفة، وعلاقاتي الاجتماعية المحدودة، مما يجعلني عاجزًا عن تحديد جميع أهل المتوفى كي أصافحهم، أحيانًا لا أعرف الاسم الأول للمتوفى ذاته.
في هذه الحالة، ينقذني الذهاب إلى تلك المناسبات في جماعة، فأراقب من الذين صافحهم الكبير أمامي، وأفعل المثل.
حتى صدمني الموقف الفارق لأول مرة في حياتي، عندما وصلت باب السرادق، بصحبة باقة من رفاق البلد الأعزاء. 
انتظرت -تلقائيًا- بدعوى الاحترام، من المعيب جدًا أن أسبق أكبرنا عمرًا.
اللافت للنظر.. أنني رأيتهم توقفوا مثلي.

- ما الأمر يا أصدقاء؟
تصفحت وجوههم في إحصائية سريعة، لحظتها.. "أخدت الضربة في صدرى" كما يقول التعبير الشهير للسيسي.
واضح إن الزمن مر بدون أن أشعر، لاعبي كرة القدم من جيلي، بعضهم يحمل "شارة القائد" في فريقه حاليًا.
وهاأنذا..  جميع من أتيت معهم متوقفين، لأنني من يفترض أن يتحرك أولًا.
صعقت بالطبع.. المرء منا على مدار حياته، سواء في (القرية، الشغل، إلخ) تعود على أنه الجيل الجديد، الأحدث..
في أي قعدة بمناسبة اجتماعية عندنا، تبرمجت على التصرف كـ؛ ابن القبيلة الخارج طازجًا من خانة "الولاد" ، ويقف -حاليًا- على حافة دائرة "الكبار".
لم أنتبه -إطلاقًا- إلى أن الزمن دفعنا إلى داخلها ببطء وصبر شديدين، فاستلم جيل آخر مكاننا العزيز على الحافة.
لاحظت أن وقفتنا على الباب.. طولت، فكرت أن أطلب من أحدهم "يخلي البساط أحمدى"، ويتطوع بالتقدم بدلًا مني (عادى.. بيس يعني.. مش هزعل يا شباب صدقوني).. لكن الفكرة ولدت ونسفت داخل دماغي في كسر من الثانية.. بل أحسست بالإهانة لمجرد أنها وردت على  خاطري أصلًا..
الزميل (جون واين) في أفلام رعاة البقر القديمة، لطالما كرر أن:
- "على الرجل أن يقوم بما يجب على الرجل أن يقوم به".
 سملت أمري إلى الله.. ودخلت.
الأسوأ.. إنه -حسبما هو واضح- هذه مجرد بداية، يتعين علىّ التأقلم، فبانتظاري واجبات اجتماعية أعقد.. ستأتي.
عالم الكبار قاس فعلًا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"