الجمعة، 20 يناير 2017

الموت على طريقة تارانتينو

البدايات تنم عن ذكاء، سواء في اختيار العنوان (الذي جذبني تحديدًا للاستعجال في مطالعة العمل)، أو الاستهلال بشخصية الممرض، بما تمارسه من طريقة (تارانتينو)، في خيالها فقط.
فظللت غير متأكد من عدم كفاية ذلك، كسبب لتسمية الرواية، حتى قدم الفصل الأخير مزيدًا منها، عندما أطل الموت بشكل علني.. متعمد.

ينتمي العمل لأسلوب الروايات متعددة الرواة، فيتناوب نزلاء المجموعة (ب)- بالمصحة النفسية، كل منهم ينفرد بفصل، ينقل خلاله الأحداث من وجهة نظره.
أجاد الكاتب تقمص شخصياته، رغم تنوعها، بين المتفرد (الممرض، السيوفي)، أو البقية.
تبقى لديّ مشكلة فكرة (الأعمال متعددة الرواة) عمومًا، وليست هذه الرواية بالتحديد.
استخدم د. أحمد خالد توفيق نفس التقنية أول مرة فى (أسطورة اللهب الأزرق)، وحسبما أذكر، قرأت انتقادًا بأنها تساوي فعليًا ربع عدد الصفحات الذي ظهرت به، أما البقية فهي عبارة عن بإعادة تدوير لنفس الأحداث، لم يثره بالشكل الكافى اختلاف زوايا من يحكونها.
رأيت مجهود واضح من الكاتب في محاولة التغطية على هذه النقطة، عن طريق تنويع رؤى الشخصيات، فالموقف القاتل المحرج بالنسبة للممرض، كان هامشى ولا يذكر من وجهة نظر المخرج، وهكذا.
الطريقة الأخرى، هي الخروج من دائرة الأحداث المكررة في المصحة، بالعودة إلى ماضى الشخصيات خارجها..
الوسيلة الأولى لم تكن كافية من وجهة نظرى، أما الثانية فبثت روحًا مختلفة.. هذا صحيح..
لكنها لم تمح بشكل كامل نفس المأخد على (اللهب الأزرق).
***
عانت بعض أحداث الرواية عانت من نقص مخل للمعلومات أحيانًا، ونقص في منطقيتها أحيانًا أخرى، على سبيل المثال:
(هذا الجزء يحوى حرقًا للأحداث)
- استطرد المؤلف فيما حدث مع فريدة عن لقاء طليقها، وتصاعد منحنى قوة علاقتهما من جديد، بينما لم يذكر المؤلف أي شئ عن كيفية انتكاستها، مما أدى بالمرأة إلى المصحة.
- حقيقة كنه المنظمة والأستاذ، غير مقنعان لى بالمرة، لماذا يفعلون كل ذلك من أجل اللاجدوى؟ نفس الشئ بالنسبة لطريقة رجوع كمال لحبيبته، وتم التبرير بأنه: ينتظر اقتراب المشكلة من التفاقم، حتى يقرر التدخل.
- لماذا تم استهداف الستة؟ طالما أن خمسة منهم ليسوا طرفًا في أي شي؟ ثم.. لماذا استثنوا عبد السلام.. (هيا جت عليه يعنى).
- من ذا الذي يستخدم طريقة تارانتينو، فيترك وراءه شهود رأوا وجهه، بالإضافة لسعة صبره إزاء خطة طويلة كتلك، خالية من الاحترافية الكافية، كان بإمكانه التسلل ليلًا، وانهاء الأمر مع الفرد المستهدف الأساسي في ساعة واحدة، مع جعل حادثة تبدو طبيعية، أو انتحار مثلًا.
ملاحظة أخرى غريبة، لكنها إيجابية.
اعتدت أن أرى روائيين كثر يكتبون بطريقة السيناريو، من ناحية الاهتمام بوصف الصورة، وتغليب الاعتماد على الحوار، في المقابل، تعجبت عندما قرأت أن صاحب هذا العمل هو سيناريست بالأصل، ومع ذلك يهتم بالسرد، والتعمق في شخوص أبطاله بشكل نفسي/ أدبي.
فهمت الآن، سر حديثه على لسان المخرج، بكثير من التفاصيل التخصصية، وإن زادت عن الحد في بعض الأحيان، ومالت إلى الجانب المقالي.
بعيدًا عن كل الملحوظات السابقة، أحببت الرواية، بدليل أنني أكملتها حتى النهاية.
وأحتسب مؤلفها بين ذوي الأدوات الكثيرة الجيدة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"