الأحد، 27 نوفمبر 2016

نيجيريا الطازجة في (أشياء تتداعى)

"الرجل الأبيض ذكي جدًا.. جاء بهدوء وسلام بدينه.. فضحكنا لسذاجته وسمحنا له بالبقاء.. والآن.. استمال اخواننا ولم تعد عشيرتنا قادرة على التصرف كرجل واحد.. لقد وضع سكيبًا على الأشياء التي تشد أواصرنا.. فتداعينا".
***
مع إعجابي الشديد بأجواء الرواية منذ صفحاتها الأولى، سؤال واحد ظل يلح على عقلي:
- لماذا؟
لماذا نقلب وجوهننا دائمًا صوب الوجهات الأدبية المتباينة.. شرقًا وغربًا؟ بينما لا يخطر في بالنا أن نستدير إلى الخلف.. إلى عمق ظهيرنا الأفريقي الأسمر.
تنقل الرواية عالمًا مختلفًا بكر.ًا. داخل عشيرة أفريقية.. بشكل يجعلك تستمتع بمضغ التفاصيل الطازجة على مهل..
كل شيء هنا مغلف بدهشة "الجديد".. سواء فى العادات.. التقاليد.. اللغة.. التشبيهات الدارجة..
اللغة سلسلة.. لذلك أعتقد أن المترجم يستحق الشكر بشدة، فأفضل مترجم من وجهة نظرى.. هو الذي يجعلك لا تشعر بوجوده.
الثلثين الأولين في الرواية، لا يتناولات خصم أو حدث محدد.. بل يتماهي مع الحياة اليومية لعائلة أفريقية.. الوالد فيها لديه عقدة نفسية بسبب الجد الكسول.. المرح.. فاقد الهمة.. المستدين من الجميع..
فنتج عن ذلك أنه كره كل ما أحبه الأب.. وحاول أن يصنع لنفسه قدرًا مختلفًا.. كأحد الكبار تبعًا للتدرج في نظامهم العشائري..
لكن النظام ذاته ينهار -تدريجيًا- مع قدوم الرجل الأبيض، ليتحقق المعنى الحرفي للفظة (الأشياء تتداعي)، بكل ما تحمله من قسوة.
عدم وجود عقدة معينة في ثلثي الرواية الأول..والحكى لمجرد الحكى.. ربما لا يستطيع البعض اعتباره معيبًا للعمل..
لكن يظل العيب الوحيد القاطع في الرواية من وجهة نظري.. أن النهاية جاءت في شكل قفزة مفاجئة.. أتخيل أن الأمر كان يستدعي مونولوجًا داخليًا.. لتبرير رد الفعل الأخير للأب تجاه نفسه.. أو -على الأقل- أن يسبقه تمهيد كافي..
إلا أننا في النهاية، أمام عمل أدبي "مختلف"، ولو أردت تشبييه فى سطر واحد، فلا يحضرني سوى جملة، أنه:
- النسخة النيجيرية من رواية (الوتد)، لعمنا (خيري شلبي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"