الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

ملاعيب الولد الشقي

منذ سنوات طويلة أثناء مراهقتي.. جربت تصفح أعمال محمود السعدني.. لا أدري أيهم بالضبط، لكن انطباعي كان سلبيًا، مما جعلني أسقطه من حساباتي لأكثر من عشرة أعوام.
 فظللت لا أعرف عنه شيئًا سوى أنه قريب للممثل (صلاح السعدني).
قبل عدة أيام، قررت إعادة المحاولة، فنلت درسًا فى عدم التسرع، وتبني رأي بناء على مجرد صفحات.
يمكنني القول أن الثلث الأول من (ملاعيب الولد الشقي) لم يصالحني على كتابات (السعدني) فقط، بل على الأدب الساخر ككل، حيث ظللت أعاني طويلًا من الانسجام مع الموجة الجديدة منه، التي تخلط في الفرق بين سطور كتاب، ومنشورات فيس.
احتوى الثلث الأول من الكتاب، على سرد مرح حول محاولات السعدني وأصدقائه دخول الحياة السياسية، مدفوعين بحماس الشباب، فتنقلوا من الاخوان.. إلى حزب الباشا.. ثم التهور ومحاولة تأسيس حزب خاص بهم.
ابتسمت أحيانًا.. واستفدت في أحيان أخرى.. بتكوين فكرة عن معالم ذاك العصر، من خلال خلفية سرد السعدني.
منتصف الكتاب، لا بأس به أيضًا، إذ تناول المحطات الصحفية في حياة كاتب شاب، أصبح فيما بعد من الرواد المؤسسين لعدد من الدوريات المصرية والعربية، ومن اللطيف أن ترى أسماء لقامات كبيرة، وطلع على كواليس تعاملها مع بعضها البعض، هذه ثيمة لا تخيب.. خصوصًا عندما تكون هذه القامات من عينة كامل الشناوى.. السباعي.. عبد القدوس..
مشكلتي الكبرى مع الثلث الأخير من الكتاب، لو كان محتواه حقيقيًا، فلا أشترك مع المؤلف في إطلاق لفظة "مقالب" علي ما قال أنه فعله، بل أسميها "سادية" تجاه الآخرين، و"قلة قيمة" لنفسه.
لا أحب برامج الكاميرا السرية، التي تسبب ولو ثانية من الحرج لفرائسها.
خلقنا الله بنسب ذكاء مختلفة، وأعتقد أن هناك حكمة ما وراء ذلك، ليس بينها بالتأكيد أن نستخف بالآخرين، لمجرد أنهم واهمين أو أكثر من لديهم سذاجة يمكن استغلالها.
ويذكر في الكتاب أن يوسف السباعي اضطر لكتابة مقال جاد، يطالب حماية المغفلين من مقالب "محمود السعدني".
ورغم كل ذلك، لم أتمالك نفسي من الابتسام، عندما أقنع الوفد الصيني بأنه رئيس وفد دولي.. من أي دولة؟ دولة (الجيزة).
فكادوا أن يوجهوا له دعوة كي يزور الصين الشعبية، ويروي لهم تجربة جمهورية (الجيزة) ضد الامبريالية الغربية.
بدت السخرية بعيدة عن أن تكون لأشخص، بل لطريقة برمجة أنظمة، وكادت هذه المزحة أن تسبب في أزمة دبلوماسية.
التجربة ككل..  وإن كان ثلثها الأخير مزعج أخلاقيًا.. إلا أنها ككل متقنة فنيًا.. ولن تكون الأخيرة بإذن الله.. مع عمنا السعدني..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"