الأحد، 11 سبتمبر 2016

ثنائيات؛ (الأشعة/ الكتابة)، (الخجل/ البراجماتية)، (الفعل/ اللافعل):

أعيش حالة فصام شاملة؛ تسبب فيها الفجوة الشاسعة بين حياتي كفني أشعة، وتلك الأخرى كهاوي للكتابة.



عندما تتلبسني الأولي؛ أصير كائن يستطيع العمل بيده، لكنه يخجل أن يقول.
والعكس تمامًا فى الثانية؛ من السهل جدًا على لساني أن يقول، بينما من الصعب على يدى أن أكتب.
بمعنى:
فى الكتابة، يمكننا التحدث بسهولة أننا نريد صياغة رواية عن كذا، ثم نصف مسار أحداثها من البداية إلى النهاية، وتصورنا عن شخصياتها إلخ.
أما عند التنفيذ فهو شأن آخر.
أما الأشعة:
- أريد أن أصحبك إلى القسم، وأرى تنفيذك للفحص المحورى للكاحل؟
قالها طبيب العظام على غير العادة، لأن الطبيعى هو: أن يرسل ورقة بالفحس الذى يطلبه، وينتظر أن يعود له المريض بها، أى أن عملنا لا يتطلب أن نتقابل أصلًا.
- لماذا؟
لعله استغرب من الطريقة المتحفزة الذى رددت عليه بها، فأجاب:
- أريد أن أعرف كيف يتم!
شعرت أنني تسرعت كالعادة، لأننى طننته يريد أن يتدخل فى التفاصيل التقنية لعملى، وهو ما لا أسمح به لأى كائن كان.
والآن.. اتضح أن الرجل لا يعرف، ويريد استكمال معلوماته لا أكثر.
- أو يمكنك أن تشرحه لي شفويًا.
كمحاولة للاعتذار عن تحفزى السابق غير المبرر، أسرعت في إجابة طلبه، فوقفت على ساق واحدة، ورفعت الأخرى لأشير إلى كاحلى:
- هناك ثلاثة طرق.. تأتى جميعها بنفس (بدأت اهتز، ومن ثم تماسكت بالكاد) النتيجة التشريحية التى تراها حضرتك فى صورة (ساقى الواحدة لم تعد تسعفنى فى الحفاظ على توازني) الأشعة النهائية، الاولى عن طريق الـ ..
أنزلت ساقى الثانية إلى الأرض:
- أعتقد أن تأتى معي وتراها بنفسك.. لهو أفضل كثيرًا.
-
مثال آخر أفدح بكثير:
أن جائتني مكالمة على هاتف قسم الأشعة، ثم فوجئت بصوت امرأة (هي زميلة معنا فى الأغلب، طالما تتصل بالتليفون الداخلى) تسألني عن فحص الرحم بالصبغة، هل هو متاح فى القسم؟
- لا للأسف يا افندم، فالفحص يحتاج أدوات غير متوفرة بالمستشفى، ربما يتوفر بسهولة فى عدد من مراكز الأشعة الخاصة.
- (بصوت متذبذب كمن هو قلق من المجهول) وكيف يتم في الفحص بالضبط؟
اختفت معالم القسم من حولى.. وهيئ لى أنني عدت خمسة أعوام إلى الوراء، "امتحان الشفوي لمادة (تكنولجيا التصوير الإشعاعى)".
أمامى الدكتور (مهتدي) بنظراته المتفحصة، من خلف نظارته الطبية، ثم يعاون تكرار نفس السؤال.
- أنا أحد الأفضل هاهنا.. لن أحصل على أقل من امتياز.
- أفندم؟
واصلت بنفس التحفز وكأننى لم أسمعها:
- إننا نحضر الـ.. ثم نمسك الـ...
"اخرس يا حيوااااااااان.. فوق يا عم هتودينا فى داهية.. ناوى تقولها ايه بالضبط!!!!!!"
دوت العبارة المفزوعة داخل قفصي الصدرى، وتسببت بأنني استيقطت فجأة ليتحول وجهي إلى اللون البنفسجي.
(لاحظ أننى أسمر، أي عندما يضاف إليه الاحمرار، فإن الناتج يصير أقرب البنفسجي).
ماذا كنت سأقول بحق الجحيم!! :D >_<
مادت الأرض بي لفرط الحرج، فاستندت على الطاولة أمامى.
لكننى أفقت على المفارقة الغريبة، عندما سألت نفسى:
-ماذا لو دخل القسم حالة من هذا النوع، ولا يوجد زميلة؟ ماذا لو لم يوجد غيرى؟
- كنت سأجرى الفحص بالطبع.. بلا تردد..
- بل متأكد أنك ستفعلها كالروبوت أيضًا، بلا ذرة اهتزاز أو حرج قد يوثرعلى الفحص، فلماذا ترتبك قد يرتبك لسانك من الحديث عن وصف علمي، بينما لا تصاب بنفس الشئ إذا أديته عمليًا.
أحد الأسئلة الوجودية التي لم أجد لها أي إجابة، كما أن الوقت لم يكن مناسبًا للتفلسف في ضوء أن هناك طرف آخر ينتظر بقية كلامى على ال
خط.
" احم، فى الواقع، فى الحقيقة، إنها .. إنها مسألة يطول شرحها، فيمكنك مناقشة ذلك مع الطاقم الفنى للمكان الذى ستختارينه لإجراء الفحص.
-
يومًا ما.
سأشفى.
سأصير رجلًا أحادى الوجه، يخجل طوال الوقت، أو يعمل طوال الوقت.
وإلا أتحول إلى شخصين، فأرتاح.. وعندما يموتا، يلحقون الثاني بالأجداد في مقابر القرية، بينما بلقى الأول في الجبل حتى يتعفن.. أو تأكله الغربان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"