الجمعة، 8 يوليو 2016

حنة (وائل)

اعتراف:
منذ وعيت على الدنيا، لم أحب: كونى أحمل اسم (ياسين).
اللفظ مذكور فى القرآن بالطبع، فلا أعترض عليه لذاته، كل المسألة أننى كنت أنظر إلى المرآة فلا أشعر أننى أبدو كـ "ياسين".
وللنصيب؛ منذ نهايات المرحلة الابتدائية حظيت باسم آخر.. صيغة مركبة هذه المرة.. فصار يُقال (وائل وياسين).. شيء على غرار (أوكا وأورتيجا).
(وائل) هو توأم مسيرة طالت أكثر من عشرة سنوات، لك أن تتخيل قرية نائية يندر أن تجد بها من يهوى القراءة، لكنك فجأة تعثر على واحد منهم، يحب الكتب، يحب الحديث عنها، ومبادلتها.
هاهنا ليس أقل من أننا تشبثنا ببعضنا البعض، وتعامل كلانا مع الآخر ككنز شخصى.
أحيانًا يمر أحد أهل القرية بجوارنا، فيصل إلى سمعه محاولات وائل لاقناعى أن المستقبل للوقود الهيدروجينى بلا شك، فى رحلات الفضاء الطويلة.
أو أطلعه أنا على مسودة أول رواية خيال علمى كتبتها فى حياتى، (فى الصف الثالث الإعدادى تقريبًا).
لأسباب كهذه، كانت لفظة (وائل وياسين) بالنسبة إليهم مرادف لغرابة الأطوار، بل اعتدنا تدريجيًَا بالفعل نظراتهم إلينا وكأننا (Aliens) قادمين من الفضاء.
أحب كلانا الأدب والعلوم معًا، من ناحيتى، طمعت فى الجمع بين كل شئ كالعادة.
-"أن تعمل بمجالين فى وقت واحد، يشبه شق بطنىّ مريضين، ومحاولة إجراء عمليات جراحية لهما فى وقت واحد".
بدا كلامه وجيهًا، ومع ذلك، رفضت أن أقتنع، ووجدت فى الخيال العلمى حل وسط مناسب.
أما على مستواه الشخصى، جرب نفسه فى الشعر أولًا، ثم قرر أن هذا ليس رومانسيًا كفاية، فاتجه للرياضيات، تلاها التخرج من كلية الهندسة.. قسم حاسبات وبرمجة.
م. وائل  حسن هو ممثل مصر فى مسابقة نجوم العلوم على MPC4، وحصد الترتيب الحادى عشر وقتها.
هذا الشغف المبكر دفعنا فى سبيله ثمن كبير، للأسف لم ننتبه إليه إلا متأخرًا.
لقد اندفعنا فى محاولة سبق سننا، ليفوتنا فى المقابل مهارات كثيرة:
- لا يجيد كلانا السباحة، ولا ركوب الدراجات، ولا حتى الرقصات الشعبية الصعيدية، وتلك الأخيرة ورطة حقيقية لا تشعر بها إلا يوم زفافك.
الكل يجذبك من يدك إلى وسط الساحة، وأنت حائر كالأبله، لا تعرف ماذا تفعل بالضبط!
وهذا بالضبط ما جربه وائل منذ قليل؛ فاليوم حنة هذا الفتى.
جلسنا المغرب قبيل المغرب أحدثه عن أدب (جيلبرت سينويه)، وأرشح له رواية (اللوح الأزرق) تحديدًا.
الأجواء الودية أنستنى أن المناسبة، لقد كبرنا يا وائل! أتصدق هذا! أاليوم: (الحنة)، وغدًا زفافك أيها المأفون؟!
قبل ساعة كما توقعت، جذبوا وائل إلى ساحة الرقص، لكننى لم أكن هناك لأشاهد ذلك.
انسحب العريس من بينهم، واتصل:
- هيه، أين أنت؟
- (ببراءة) فى منزلى.
لم أكن لأضحى بوقارى، وأخوض مستنقع للحرج من هذا النوع. 
تنبأت -ببصيرة الخيال العلمى- متى سيبدأ الصخب الرجالى الراقص، وتسللت هاربًا.
(أنا مش مش عايز، أنا مش عارف).
اعتراف 2:

فى ثنائية (وائل وياسين)، لدى من الشجاعة ما يكفى للاعتراف بأن: الثانى هو الحلقة الأضعف.
لطالما كان وائل يسبقنى بخطوة، فى كل شئ.
كما أن وائل هو الأكثر شجاعة، فلو انعكس الموقف الأخير، لوقف كتفه فى كتفى رغم ارتباكه.
اليوم سأبيت مدينًا لتوأمى الأقوى برقصة فى زفافه، وبابتسامة كبيرة قدر التى على شفتى الآن.
مبارك يا وائل.
لقد كبرنا!
لا زلت لا أصدق هذا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"