الخميس، 16 يونيو 2016

كتبة سوداء

أخرج سبع قطع ذهبي من جيبه، يعطى واحدة لكل جندى، وقال:
- صوبوا جيدًا، لا أريد لأمى أن ترى وجههى مشوهًا.

يا الله!
أى رواية هذه؟
فى البداية هيئ إلىّ أن الأسلوب ممل، مما دفعنى للقفز على الصفحات سريعًا، ثم عند مرحلة معينة، عدت لبدء القراءة منذ البداية.
يستطيع المنسى مس الإنسان داخل شخصياته، وداخلنا.
فى هذه النقطة، يكمن جزء كبير من السحر الذى يحمله أسلوبه، يليها السرد.. ثم السرد.. ثم السرد..
وجدتنى أمام سطور لا تتوالى، بل تنساب.
لا توجد مفردات لغوية متقعرة، بل نهر يتدفق ويلتف حول صخور المواقف الصعبة التى تعترض مجراه، المشاهد الرومانسية فى الرواية لا تنحدر للركاكة التى تميز الكثير من رومانسية اليوم، أما المشاهد الحربية فلم تقدم لوحة استهلاكية تفرط فى الدموية، بل يظل المنسى قنديل محافظًا فى روايته على شاعرية سهله الممتنع مهما ارتفع صوت الحب أو الحرب.
من ناحية الموضوع؛ كالعادة يصوب المنسى قنديل نحو مساحة مجهولة من التاريخ، قصة أحرار فى مجاهل أفريقيا تم سوقهم إلى السودان كعبيد، ثم إلى مصر كجنود، ثم إلى المكسيك بأمر من الخديوى سعيد، يرسلهم كمجاملة لصديقه امبراطور فرنسا، للقتال إلى جانب جنب مع الفرنسيس ضد الجمهوريين هناك.
على الجانب الآخر، يبحث الإمبراطور عن أمير أوربى بلا عرش، كى يثبته إمبراطورًا على المكسيك ويثبت معها قدمًا لفرنسا فى العالم الجديد، فيقع اختيار على الأمير ماكسمليان وزوجته تشارلوت.
- سوف يقتلونك يا صغيرى.
تسير الرواية فى هذين الخطين المتوازيين، ولا تخلو من التشويق خلال الانتقال بينهما، فى حين لم أشعر بأن كثرة الأبطال شتتت الرواية.
فكل منهم مرسوم بعناية؛ السنيورة، مظلوم افندى، جبرة الله، عاصى، شارلوت، مكسمليان، إيزابيلا، جوفان.
فى الربع الأخير من الرواية، توالت النهايات الدرامية لأغلبهم، وكأنما يؤكد المنسى أن الحروب لا فائر فيها، الجميع خاسرون.
ثم ينحاز للتفاؤل فى البصيص الأخير، عندما اختار إنهاء الرواية بمشهد ميلاد.
تظل (قمر على سمرقند) هى العمل الأفضل للمنسى من وجهة نظرى، لكن تلك الكتيبة السوداء احتلت مكانة عزيزة فى قلبى، لا أظنها ستنمحى أبدًا.

هناك تعليق واحد:

  1. صح جدا رأيك نفس رأي
    برغم ان قمر علي سمر قند هي الأثيره لدي لكن كتيبة سوداء احتلت جزء هي ايضا ونهايتها عجبتني اووي كان فيها امل يعني مهما كانت الحرب لعبة خاسرة يظل هناك ميلاد يوم جديد

    ردحذف

المشاركات الشائعة

"