الخميس، 19 نوفمبر 2015

عالم أفضل من إخراج شريف ثابت


شعرت بالفخر تجاه هذه الرواية من قبل أن أقرأها! 
تخيل أن تكون من دراويش الخيال العلمى، فتجد رواية تنتمى من نفس النوع الذى تميل إليه، تتصدر المبيعات، وهذا شئ نادر فى وطننا العربى، بالنسبة لهذا الطيف الأدبى المهضوم حقه، تستطيع القول أننى أعتبرتها -بشكل او آخر- سفيرتنا فى بلاد البيست السيلز.
وهكذا تبقى الأهم، أن يسعدنى الحظ، وأقراها يومًا، وبحمد الله، حدث ذلك منذ فترة قريبة.
يقر الكاتب صراحة أنه استوحى الفكرة من أحد روايات د.أحمد خالد توفيق، بسلسلة (سافارى)،  فيصف شريف ثابت عالم/أفضل نضيت منه الطاقة، وصار على الاعتماد على البشر كبطاريات، من خلال تخزين طاقة السيال الحيوى التى تتضاعف عند تعذيبهم واحتضارهم.
لا اخبئ عليكم، كدت أن أغلق الرواية بعد عشرين صفحة، ظنًا أننى أمام عمل مستنسخ من الأجواء الهوليودية المكررة عن الدستوبيا.
لكن من حسن حظى أننى أكملت، فقد تضاءلت النقطة السابقة أمام عدد نقاطة القوة التى شدتنى لتتمته، تبدأ كلها وتنتهى بذكاء الكاتب فى استخدام ثقافته وحسه السينمائى، فى كل من:
- الوصف البصرى: لدرجة شعرت معها بأننى أمام أحداث مرئية بتقنية HD، أكثر منها صفحات رواية.
- الحوار: الذى هو على قدر ما هو تلقائى ومعبر عن كل شخصية على حدة، على قدر ما تستحق الكثير من جمله أن توضع فى برواز.
وبما أننى أدرس الإعلام، استوقفنى كثيرًا كلام آدم ورفيقه عن رئيس التحرير:
- "طالما اتصل يبقى عايز حاجة، وطالما عايز حاجة،  يبقى عنده اللى هيقدمه بالمقابل".

ورغم أن  الشخصية المقصودة قذرة وتستحق الحرق، إلا ذاك المبدأ نفسه عملى وأتبناه شخصيًا، مما جعل الكلمة تأتى على الجرح.
- تسلسل الأحداث: وإجادة التنقل بين الماضى والحاضر عبر تقنيات الفلاشباك والفلاش فورود.
- الشخصيات: كلها واقعية، واجتهد الكاتب فى وضع خلفية نفسية وماضية متقنة، تبرر تصرفاتها الحالية.
جميع ما سبق موجود ضمن عناصر قوة الأفلام الأمريكية، ومحمود من الكاتب أن يبنى على تجارب غيره، بقى أن هناك الشئ الأصيل الذى لا خلاف عليه فى العمل؛ من كون هناك روح شريفية ثابتية تتشرب به الصفحات.
تلك الصبغة بالغة الشخصية للكاتب، بقسوته، رؤاه المقبضة للغد، تشاؤمه ربما، وحتى تضفير موافقه السياسية ضمن العمل، والنقطة الأخيرة أعتبرها فخ عبره الكاتب بنجاح، لأن نسبة ليست قليلة من المؤلفين يسقطون فى فخ الوعظ، وأقحام تلك المواقف إقحامًا على النص.

لو قارنا (عالم أفضل) بمعايير الرواية الأدبية، سنظلمها، لكن فى إطار اعتبارها فيلم مكتوب، لا يمكننا  إلا اعتبارها عمل محكم، جعلنى أتشوق جدًا للجزء التالى.
خصوصًا أننى أرفع سقف التوقعات كثيرًا اعتمادًا على ذكاء الكاتب، وأنه يدخل أفكار مميزة بشأن مفاجأة أدهم، ودوره أمام تحالف ثوار الأمس مع رفعت اسماعيل، ثم ما الذى سيحدث لوليد، إلخ؟

يعيب الرواية، أن التأثر بالسينما الأجنبية جر الكاتب لاستعمال بعض المشاهد الإلكيشيهية، على سبيل المثال، كلنا يقع فى مركز دائرة وهمية تتيح حوله 360 درجة من الاتجاهات، فمن أكثر ما يستفزنى فى هوليود أن  البطل دائمًا يوجد بالمللى فى المسافة الخطية بين الخصم وقائد المركبة، ثم ينحى بالتصوير البطئ  لتستقر رصاصة الأول فى السائق.
نفس المشهد تكرر (عالم أفضل)، توجد مشاهد مماثلة طفيفة على نفس الغرار، لكن بحسبة بسيطة 10 أو 20 صفحة، لن تفسد متعة بصرية رائعة على مدار 285 صفحة.

ملحوظة:
- الكاتب مصر على اثبات ذكاءه حتى آخر صفحة، فخدع القارئ بأن جعله يظن العمل انتهى عند ص 284، وهبطت التترات وبيانات الدار، ثم تجيئ صفحة واحدة كاستدراك أخير، لكنها صفحة توازى مفاجاة من نار.
راقنى تواجد هذه الصفحة، بهذا التأخير، الذى أعطاها طابع منفصل.
بما صنعه من إلهاب للعقل، انتظارًا لكيفية تطور الأحداث فى الجزء الثانى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"