الاثنين، 21 سبتمبر 2015

البحر ليس بوسطجى للإلهام


طوال سنوات عمرى، كنت أتعامل مع هذا الموضوع كأحد قوانين الحياة الراسخة، كمنطق يكاد يقترب من درجة القدسية.
هذا المنطق يتلخص فى أن هناك علاقة وثيقة بين الإلهام والطبيعة..البحر خصوصًا.
ضع أى شخص أمام بحر، وسيصاب بإسهال من الكتابة المتواصلة، دون عناء، لنقل أنه لن يحتاج للبحث عن أفكار، الأفكار هى من ستكتب نفسها من خلاله.
حسنًا، ظللت على هذه المعتقد لمدة ربع قرن، حتى مطلع هذا العام، فيه انسحقت قناعاتى تلك.. تمامًا.
الموقف كان الآتى، غرفة فى فندق على البحر، وأمامى سويعات لتسليم مشروع كتابى.
قررت حبس نفسى فى الغرفة، وعدم الخروج إلا وفى يدى أوراق العمل، أى عمل، قصة، مقال، إلخ..ليس هناك أى تدقيق حول الصنف أو المضمون.
فتحت الشرفة لأقابل المنقذ، البحر، أها، سأكتب بدل القصة ثلاثة أو ربما أربعة، بل ربما أنهى رواية كاملة أجدع، دققت النظر، دققت جيدًا، و...لا شئ.
فراغ..لا أشعر بأى شئ.
احم، ظننت أننى ربما لا أنظر بالعمق الكافى.
محاولة، اثنان، ونفس النتيجة، أفكارى الآن لا تختلف عن نظيرتها التى ننتابتنى داخل الغرفة المظلمة، عندما أحمض فيلم أشعة.
(منك لله يا يوسف يا زيدان).
لا أعرف هل خذلنى البحر؟
أم أنا الملام لأنه فى كل الأحوال لم يعدنى بشئ، وبالتأكيد ليس مسئولًا عن أوهام أنصاف وأرباع الموهوبين، الذين يعولونها عليه. 
أغلقت النافذة وعدت إلى الداخل، فتيار الهواء شديد، ولا داعى أن أصاب بالبرد بلا ثمن.
بالطبع تصرفت، وارتجلت بمشقة بالغة صفحتين عاجلتين، ارتجلتهم وأنا ممدد على السرير، الشرفة معلق بإحكام، بينما أشاهد على MPC2، حيث تأكدت من انتقاء فيلم لا يحوى بحار أو ترع أو مصارف، أو أى مسطحات مائية من أى نوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"